“المهمة.. والتسلل إلى المكتب”
كنا في ذلك اليوم جميعا حاضرين
شيء ما كان يستوجب أن نتجاوز كل محاذير الخطر ونكون في ذات المكان
الجميع .. من أعلن عن نفسه في الملأ ومن لم يعلن ..

من زار القدس يوما ومن لم يزرها بسبب دور يقوم به .. حتى أولئك الذين اخترقنا العدو بهم وهم يؤدون دورهم بين صفوفه وفي كل المستويات كانوا حاضرين!
اختطفتني جنية الرؤى حتى قبل أن أتم إغماضة عيني
وفجأة وجدتني هناك .. كالعادة كان علي أن أتجاوز بعض الممرات الخطيرة كي أصل إلى المكان ..
اضطررت في الحلم أن أتحايل على بعض الطريق فأهمس لنفسي: “إنني أحلم وبإمكاني أن أتخفف من بعض المخاطر التي أعيشها كلما راودتني هذه الرؤى”… لكن يبدو أن الأحلام كما الواقع لها قوانينها أيضا .. !

وصلت إلى تلك المدينة الحجرية المهيبة وكانوا جميعا هناك ..

همس لي إبراهيم بأنني تأخرت .. وكان قلبي يدق بسرعة رهيبة بل بدا لي بأن الهواء هناك كان قلبه يدق بسرعة رهيبة ..
هناك .. عندما تختلط رائحة البارود المنتصر ببخور الزمان ومسك نضال المجاهدين تشعر أنك في حرم التاريخ .. لسنا الشهود على أنفسنا هناك .. ولا حتى التاريخ يشهد .. هناك يشهد الأنبياء على ما نتعاهد عليه ..
كانت هذه هي المرة الثانية التي ألتقي فيها بالكهل ذي العينين الشهلاوين .. ولا أعرف حين قال كلمته وهو يسمر عينيه في عيني .. كيف استطاع أن يعرف بكل أحاديثي السابقة بل بكل ما همسته سرا حتى للمزارات في القدس !

كنت أخطط أن أستثمر أجزاء الثانية التي يحلم فيها الإنسان كي أذهب إلى أماكن عدة هنا .. وخطر لي حتى أن أقتحم على قادة العدو غرفة اجتماعهم السرية لأقول لهم بأنكم ستقتلون جميعا قبل أن تخطفني الصحوة من حلمي .. خططت أيضا أن أرمي متفجرا صغيرا على ذلك التمثال الذي يستجدونه كي يعود إلى الحياة ذلك الصنم الذي حنطوه ليختصروا فيه تاريخ كل الأصنام التي حطمها سيدنا إبراهيم ذات فجر يتوافق مع قدر الإسراء والمعراج !

خططت أن أضع فأسا بشطرين قرب العروق التي تربط الصهيوني نتنياهو بالصهيوني في أمريكا .. وتخيلت كيف سيكون حال هذا الأخير الأبله عندما تصله الصورة .. خطر لي سأعلقها له في متحف في سويسرا.. ولم لا أليست هذه بلاد رفاههم؟!.. خططت كثيرا للحظات مهمة .. لحظات تشبه الجنون .. ولم لا ؟! إننا أحرار في رؤانا وأحلامنا وجنوننا .. ويمكن أن نفعل مانريد.. فمَن مِن الأعداء وأي ترسانة عسكرية لهم كان يمكن لها منعنا من أن نحلم بأننا نقفز كالأسود ونعتلي الدبابات ونحن نمسك مسدسا لنفجر رأس الصهيوني فيها؟!

أو أن نسبق سرعة الضوء لنضع على ميركافا عبوة صغيرة من مسافة صفر ونفجرها؟!

أي ترسانة للعدو استطاعت أن تمنعنا من أن نحلم بأن الحجر في يدنا ستمر في دوامة الزمن التي كانت تأسرنا بسحرها في برامج الأطفال لتتحول إلى فلق واحد نرمي به عدو الله وعدونا؟!

وكيف لم يستطع العدو بكل ما يملك من تجبر دموي وآلة قتل وحشية أن يمنعنا من أن نحلم بسحر كيميائي في مختبرات الرؤى يحول الزجاجات الحارقة أيام الانتفاضات التي أكلت من لحمنا ودمنا إلى بركان واحد واثنان وثلاثة ووو…؟!

وكيف لم تستطع ترسانة العدو أن تعتقل الأحلام التي كنا من خلالها نصنع السلاح تحت الأرض ونتوزع المهام ونحفر لهم تحت الأرض ونعد لهم عتاد السماء.. بل حتى في غرفهم تحت الماء؟!

لذلك قررت .. يجب أن أنتهز فرصة الحلم .. سأقتحم عليهم حصونهم .. وأقول لبلينكن .. اخرس .. الطوفان قادم إليك.. وأرحل مثل المقاوم الأنيق!

سننفذ المهمة وسأتسلل بعيدا عن مجموعتي وأقتحم مكتب نتنياهو.. سأميط اللثام عن وجهي ليراني.. وسأرمي في عينيه قنبلة دخان لتبقى تذله حتى يقع بين يدينا في موعد القصاص!

ملكتني الرؤيا في الرؤيا فابتسمت على الرغم من جو الغرفة المبخور المقدس المهيب .. والوجوه المستنفرة المترقبة ، فقطع عليّ الكهل النحيل ابتسامتي التي بدا رنينها يحلق بها بعيدا عن المكان ..
واختطف كل المخططات مباشرة إليه كما لو أنه كان يقرأ أفكاري .. ورمى كلماته في المكان مثل سرعة رصاص المقاومة ومثل انقضاض حواماتهم الصغيرة يوم الطوفان ومثل جلال كل ما في ذلك اليوم.. وقال:

  • الإعداد ليوم عظيم ….!

ارتجف قلبي بشدة .. وسمعت دقاته في أرجاء المكان .. وبدت القدس كلها بكل ما فيها داخل الغرفة تجمع فيها الأنبياء وتشهد .. عندما رفع بيديه جهازا غريبا وأشار إلينا جميعا كي نقترب…!
يتبع
فاطمة جيرودية_دمشق