ويسألني البعض ماذا بعد؟؟!!…
أما ذاك (البعد) فهو على قربه يبدو ظاهره محير ومعقد، لكن حقيقته فبسيطة كبساطة الاعداد الأولية، وهي ليست إلا السيرة الأولى إياها، وثقيل قوله أكثر من خفيفه، وهي ساعة ليس كمثلها ساعة، وقياسها ليس بقياس الدقائق، إنما بقياس اللحظات الفاصلة في التاريخ، ولحظات تقرير المصير…..
والحيرة أعلاه مردها إلى وفرة (المعلومات) والتحليلات، وليس لندرتها، فوفرة (المعلومات) و التحليلات أسوأ من ندرتها، وأغلب تلك التحليلات ليست من باب (أضف إلى معلوماتك)، إنما في أحد سياقين: توجيه الوعي أو كي الوعي….
وقد بلغ التضليل اقصاه، و قد كانت سبقته أقصى الضغوط، و مازالت ترافقه، والضغط الأقصى كان على (المعدة)، فعندما تسيطر على (المعدة) يصبح الطريق سهلاً للسيطرة على العقول، وصوت المعدة اقوى من صوت العقل عند الأغلبية، وهنا تصير المعلومة المضللة أو التحليل الموجه اللذان يدغدغا المعدة اقوى من الحقيقة التي تعذب العقل…
نعم، إنها الساعة الكبيرة قد دقت، كل الرهانات المؤجلة وضعت على الطاولة، والكل كأنه يلعب sold، وعلى المحك كل الحاضر وكل المستقبل وبعض الماضي…
وقد تقول كذبة جميلة ما فيصفق لك عشرة اشخاص، لكن عندما تقول حقيقة مزعجة سيغضب منك ثمانية أشخاص، ولكن سيذهب اثنان ليتفكرا، والكلام في هذا المقال أو غيره من مقالاتنا ليس من قبيل (الجمهور عايز كده) أو (مايطلبه الجمهور)، ولسنا نروم تصفيقاً أو اعجاباً، هو قول ثقيل وحقائق مزعجة نلقيها اعجبكم ذلك أم لا، ولاعزاء لمن تتقدم معدته على عقله في فهم الأمور….
نعم، هاقد اوهموا الأغلبية ، أن المشكلة بين سورية والكيان هي إيران والايرانيون الموجودون في سورية، وكأنه ليس بيننا وهذا الكيان، قائمة طويلة من الثارات، وبحار من الدماء، وجبال من العذابات والآلام، وأراضي محتلة على مد النظر….
اوهموكم أن المشكلة معهم هي دعمنا للمقاومة، وكأن قرار سورية بدعم المقاومة كان من باب الترف الثوري، وليس خياراً هدفه تجميع أسباب القوة من باب واعدوا لهم….
اوهموكم أن هناك تنسيقا بين الكيان و روسيا فيما خص الاعتداءات، وان هؤلاء لايمدونا بما نرد به اعتداءات الصهاينة تحيزاً، وكأن هؤلاء ليسوا حلفاءً، وقفوا معنا في حربنا الوجودية ضد الارهاب، ولولا تلك المساعدة كانت رايتي داعش والنصرة ترفرف فوق بيوت الذين يتشدقون بهذا الكلام….
اوهموكم وقد ضغطوا على معدتكم وصارت هي منارتكم في (التفكير)، أن أسباب هذا الحصار والعقوبات والتجويع هي سياسات (النظام)، وأنه حالما يغير النظام (لغته وأسلوبه الخشبي) فابشروا بالمن والسلوى….
اوهموكم أن الحياة هي مهرجانات الرياض وأبراج دبي، وأنه في سبيل كل ذاك البهرج لاباس أن تنساح وتميع الشوارب واللحى والاكتاف والظهور وحتى المؤخرات…
أوهموكم أن ثقافة (المبلع والمدفع) افضل من ثقافة (التين والزيتون)…
اوهموكم أن صراعنا مع هذا العدو هو صراع على كيلومتر هنا و كيلومتر هناك، على شقة (ومنتفاعتها) هنا وغرفة هناك، وأنه ليس صراعاً وجودياً ليس فيه انصاف الحلول، إما نحن أو هم، وان هؤلاء لن يرضونا إلا عبيداً أو امواتاً….
اوهموكم أن الحرب بدأت يوم 7 تشرين عام 2023، وأنها لم تبدأ من دير ياسين أو حتى من خيبر….
ولكن الطامة الأكبر ليست أنهم (أوهموكمم، الطامة الكبرى انكم اقتنعتم، اقتنعتم و كل تلك (المعلومات) إياها أعلاه تتهاطل عليكم عبر مجارير مايسمى المرصد السوري لحقوق الانسان، صبي المخابرات البريطانية سارق الدجاجات في بانياس رامي عبد الرحمن، وصولاً إلى كل تلك المواخير في تلك الصحراء والتي تسمى وسائلاً اعلانية، وليس سوى الرايات الحمراء ترفرف على ابوابها، مروراً بكل أولئك المحللين والمثقفين والسياسيين والفنانين الذي لاينفكون يحيضون من فمهم كلما انتصب أمامهم ميكروفون ما….
المشكلة الاكبر، أن كل هؤلاء قد خبرتم كذبهم ونفاقهم مرات ومرات، ولكن كم هم محظوظون أننا وهذا الحائط وذاك الحائط سواء….
خذوا علماً، تلك القذائف والصواريخ تتهاطل على اهلنا في لبنان وغزة ليس لأنهم قرروا أن يقاوموا، هي كانت تتهاطل وستتهاطل حتى ولو لم يطلقوا صرخة واحدة وليس رصاصة، أو دون ذلك ان يرتضوا الرسن والنير طريقة حياة…..
وهذا الأمر لاينطبق عليهم فقط، بل يطالنا ايضاً، وليس خيار مواجهة كل تلك الخيارات التي يفرضها علينا العدو من مبدأ الاختيار، إنما هو خيار الضرورة، خيار الصراع الوجودي، وعدا ذلك لا ملام آخر، ولاعزاء لمن يستمعون إلى أصوات معدتهم أكثر مما يستمعون إلى دقات قلوبهم وصراخ عقولهم….
باسل علي الخطيب-سورية