أيّها الأحبّة..
يصادفُ اليوم مرور ذكرى ميلاد حزبنا، حزب الوحدويّينَ الاشتراكيّين، فكلّ عام وأنتم بألف خير..

وبهذه المناسبة أصدر حزبنا البيان التالي:

-في مثلِ هذا الصّباحِ، من عامِ 1961م، خرجتْ مجموعةٌ مناضلةٌ، من داخلِ صفوفِ حزبِ البعثِ العربيِّ الاشتراكيِّ، ترفضُ حكمَ الانفصالِ عن دولةِ الوحدةِ، وترفضُ في الآنِ ذاتِهِ، موقفَ بعضِ قياداتِ حزب البعثِ، تلكَ القياداتُ التي قبلتْ بالانفصالِ عن مصرِ الشقيقةِ، ووقَّعتْ للمشاركةِ في حكمِ سوريّة، ضدَّ دولةِ الوحدةِ، وضدَّ قيادةِ الزعيمِ العربيَّ الخالدِ جمال عبد النّاصر!!..

-لقد رفضتْ هذهِ المجموعةُ المناضلةُ، وفي مثل هذا الصّباحِ بالضبطِ، أنْ تكونَ سوريةُ ضدَّ الوحدةِ، وأن تكونَ سورية كياناً تابعاً أو ملحقاً، أو أن تكونَ أداةً لنظامٍ إقليميٍّ – غربيٍّ، يفرضُ هيمنتَهُ على المنطقة، تكونُ فيه “إسرائيلُ” شرطيَّ الغربِ الاستعماريِّ، كونَ أنَّ هؤلاء المناضلينَ، فرّقوا بين ما يُشاعُ عن انتقاداتٍ حولَ الوحدةِ، باعتبارِها ملاحظاتٍ حولَ تفاصيل الحكم، وهيَ تفاصيلُ يمكنُ أن تُعاني منها أيُّ سلطةٍ في أيِّ دولةٍ، وبينَ دولةِ الوحدةِ ذاتِها، باعتبارِها الهدفَ الأرأسَ في موضوعيّةِ وجودِ ومستقبلِ هذهِ الأمّة..

-نعم.. إنّهمْ مجموعةٌ من المناضلينَ الذينَ لم يتردّدوا، في مواجهةِ الانفصالِ وحكّامِهِ وقواهُ السياسيّةِ، وفي مقارعةِ سجونِهِ ومعتقلاتِهِ، وفي مواجهةِ طردِهِ لهم، وملاحقتِهم، في حياتِهم ولقمةِ عيشهم، وعيش أبنائهم وأهلهم، ولم يتهيّبوا أيضاً، قوى الرجعيّةِ والاستعمارِ، هذهِ القوى التي كانتْ حقيقةً وراءَ الانفصالِ، كونَ أنَّ الوحدةَ مع مصر عبد النّاصرِ، شكّلت خطراً حقيقيّاً، على وجودِ هذهِ القوى ومصالحها وأطماعها، وفي مقدّمتِها الكيان الصّهيونيّ!!..

-لقد بادرَ هؤلاءُ الآباءُ والأجدادُ، إلى تشكيلِ “حركتِهم” – حركةُ الوحدويّينَ الاشتراكيّينَ – التي بدأتْ العملَ ضدَّ هذا الحُكم، وضدَّ مشروعِ الهيمنةِ على سوريّة وقرارِها ووجودِها ومستقبلِ أبنائها، فاستقطبَتِ الجماهيرَ في الشارعينِ الوطنيِّ والقوميِّ، وعبّرتْ خيرَ تعبيرٍ، عن إرادةِ هذهِ الجماهيرِ، في دفاعِها عن مصالحِها، في الوحدةِ ودولتِها..

-بقي الوحدويّونَ الاشتراكيّونَ يُقاتلونَ، في سبيلِ هزيمةِ حكمِ الانفصالِ وإسقاطِهِ، حتى نجحوا في صبيحةِ الثامنِ من آذار، من عام 1963م، إلى جانبِ أخوانٍ ورفاقٍ لهم، من داخل صفوفِ حزبِ العربيِّ الاشتراكيِّ، ممّن رفضوا أيضاً أن يكونَ حزبُ البعثِ، جزءاً من أدواتِ الغربِ الاستعماريِّ، في الهيمنةِ على سورية، وخطفها من دورها الوطنيِّ والعربيِّ الطبيعيِّ، حيث نجحوا نجاحاً كبيراً، في استعادةِ الدورِ الحقيقيَّ لسوريّة، إن كانَ دوراً وطنيّاً في رفضِ التبعيةِ والاستزلامِ والاستتباعِ والاستلحاقِ، أو دوراً عربيّاً في الدّفاعِ عن وحدةِ هذهِ الأمّةِ، وحقّها في الوجودِ عزيزةً كريمةً..

-لم يُساهم الوحدويّونَ الاشتراكيّونَ، بقيادةِ الأخِ المناضلِ المرحومِ “فائز إسماعيل”، بذلكَ فقط، وإنّما كانَ لهم دورُهم الرئيسُ أيضاً، باستكمالِ إنجازِ الدّولةِ، وتحديداً في تفاصيل ومفرداتِ ومخاضاتِ الحركةِ التصحيحيّةِ، التي قادها الفريقُ حافظُ الأسد رحمه اللّه، في عامِ 1970م، والتي شكّلتْ مدخلاً أساساً للدورِ والموقعِ الذي ملأتْهُ سوريّةُ، أو مارستْهُ، خلالَ أكثرَ من أربعٍ وستّين سنةٍ ماضية..

-وها هم اليوم، يخوضونَ معركتهم، معركة الأمّةِ، إلى جانبِ أخوانٍ ورفاقٍ لهم، على مستوى الداخلِ السّوريِّ والوطنِ العربيِّ، بقيادةِ الرئيسِ القائدِ العربيِّ بشار الأسد، استكمالاً لما بدؤوهُ، قبلَ أكثر من ثلاثةٍ وستّينَ سنة، إيماناً منهم بما تسلّموهُ وحافظوا عليهِ، من رسالةٍ خالدةٍ، وأمانةٍ بحقّهم في العيشِ العزيزِ، والوجودِ الكريم..

أيّها الأخوةُ الوحدويّونَ الاشتراكيّونَ..
أيّها الوحدويّونَ من أبناءِ هذهِ الأمّةِ العظيمةِ..
صحيحٌ أنَّ المرحلةَ صعبةٌ، وصحيحٌ أنَّ الاستكلابَ والتّوحُّشَ الذي تمارسُهُ قوى الاستعمارِ والرجعيةِ لم يتغيّر، أو يتبدّل، لكنَّ إيماننا وتضحياتنا وبسالتنا وصبرنا وقدرتنا على المواجهة أيضاً، لم تتغيّرْ ولم تتبدّل، وما فعلتهُ هذهِ القوى الغاشمةُ، منذ “وعد بلفور” و”سايكس بيكو”، مروراً بـ “حلف بغداد” ومشاريع الهيمنةِ والتبعيةِ والإلحاقِ والتطبيعِ، وصولاً إلى حملاتِ وغزواتِ الاحتلالِ والسيطرةِ، من احتلالٍ للعراق، وسعي إلى “شرقِ أوسطٍ جديدٍ”، إلى “ربيعٍ عربيٍّ” فتّاكٍ، وعدوانٍ كونيٍّ بربريٍّ على سورية، وصولاً إلى عدوانٍ صهيونيٍّ وحشيٍّ، على فلسطين ولبنان، لم يغيّرْ بنا شيئاً على الاطلاق، ولم يزدنا إلاّ قوةً وصلابةً وبسالةً ومنعةً..

-التحيّةُ كلُّ التحيّةِ، والعرفانُ والتقديسُ والتقديرُ، للدماءِ التي كانتْ على هذا المذبحٍ الطّويل، وللمناضلينَ الذينَ ما لانتْ لهم عزيمة، وما وهنتْ لهم روحّ، وما سقطت لهم رايةٌ، للقابضينَ على جمرةِ الرفضِ، للثابتينَ على المبادئ والحقوقِ، للصامدينَ المقاومينَ على امتدادِ ساحةِ هذا النزالِ الطويلِ..

-التحيّةُ لأرواحِ الوحدويّينَ الأوائلِ، نضالاً وثباتاً وإصراراً وتحديّاً وبسالةً، شهداءً في معاركِ الشّرفِ، وأحياءً رغمَ التحديّاتِ والتضحياتِ والسجونِ والمعتقلاتِ، والتحيّةُ للأخوةِ الذين رحلوا ولم يرحلوا، وفي مقدمتهم الأخ المناضل “فائز إسماعيل”، وجميعِ أخوانِهِ الذينَ ودّعونا على يقينٍ بنصرِ هذهِ الأمّة..

“حزبُ الوحدويّينَ الاشتراكيّينَ”..

دمشق: 1 / 11 / 2024م..
خالد العبود-دمشق