في حزيران عام 1967 شنَّ الكيان الصهيوني حرباً على الدول العربية وسّع خلالها مساحة الأراضي المسروقة التي أقام عليها دولته المزعومة، فاستولى على الجولان العربي السوري إلى جانب أراض أخرى في فلسطين ومصر والأردن. احتلال الأراضي العربية عام 1967 لاقى رفضاً شاملاً على المستوى الدولي حتى من حلفاء الكيان، حيث صوت مجلس الأمن في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1967 بالإجماع على القرار رقم 242 الذي دعا فيه دولة الاحتلال إلى الانسحاب من الأراضي العربية إلى حدود ما قبل حرب 1967، وهو القرار الذي لم ينفذه الكيان، بل عمد إلى ترسيخ احتلاله للجولان ثم أصدر قراراً بضمه واعتبره جزءاً من دولته المزعومة. بقي سكان الجولان المحتل في أراضيهم، وقادوا إضراباً عاماً وشاملاً رفضا لفرض “الهوية الإسرائيلية” ولقرار الضم الباطل، وللتأكيد على تمسّكهم بهويتهم الوطنية ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير الجولان والعودة إلى الوطن سورية. وخلال مدة الاحتلال الطويلة كلها لم يتخلى أهالي الجولان عن تواصلهم مع وطنهم الأم سورية، بل إنهم استمروا في إرسال محاصيلهم من التفاح والفواكه الأخرى لبيعها داخل الوطن. الدولة السورية بدورها أكدت في كل المناسبات أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأنها تحتفظ بحقها في استخدام كل الوسائل المناسبة لاستعادته.
مجدل شمس، أو برج الشمس كما يعني اسمها بالعربية، هي واحدة من قرى الجولان المحتل التي جُبِل تاريخها بتاريخ سورية، فكانت حاضرة في كل المحطات الوطنية الهامة، وفي مقدمتها الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي، فكانت أهم معاقل الثوار من الجولان وجبل لبنان بسبب موقعها الجبلي المحصن، وأحرقها الفرنسيون ثلاث مرات في محاولة لإرهاب أهلها، الذين قدموا خيرة رجالهم شهداءً في سبيل استقلال سورية.اليوم – مرة أخرى – يحاول هذا الكيان اللقيط القادم من خارج التاريخ أن يتجاوز حقائق التاريخ، فبعد أن سُحِلت المهابة العسكرية لجيشه على أيدي المقاومين في غزة والضفة ولبنان واليمن والعراق، ارتأت العقول الفارغة في قيادة الكيان أن تجرّ أعدائها إلى مستنقعات الوحل والقذارة، حيث يتقن جيش الخنازير اللعب والسباحة. وهكذا فقد رأى جيش الاحتلال في العدوان الذي نفذه – عمداً أو خطأً – على سكان قرية مجدل شمس، فرصة لإشعال نيران الفتنة بين أخوة الأرض والتاريخ، فاتهم المقاومة الإسلامية اللبنانية بقصف القرية، ووقف بثيابه المدبوغة بدماء أهلها يذرف دموع التماسيح على قوم لا يحبهم ولا يحبونه، لا لشيء إلا لأنه رأى في زرع بذور الفتنة سبيلاً وحيداً ينقذه من الهزيمة المدوية التي بات يراها حقيقة ماثلة أمام عينيه، ولكنه خسر رهانه قبل أن يبدأه، فمجدل شمس التي طالما أضاءت بنورها طريق السائرين على درب التحرير، لن تكون خنجراً إلا في خاصرته. وهذه التصريحات التي نسمعها اليوم من الرؤوس الحامية في قيادة الاحتلال ستختفي قريباً عندماً تدرك عصبة المجانين هذه مدى سذاجتها ومدى ضحالة فهمها لأبناء هذه المنطقة، ونور مجدل شمس لن يُحجَب بغربال الأكاذيب الصهيونية.
كل الرحمة لشهداء قرية مجدل شمس المحتلة وخالص عزائنا لأهلهم وذويهم.
محمد إبراهيم_ روسيا 🇷🇺