نص كلمة الأستاذ معن بشور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل وللتضامن، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي في افتتاح المؤتمر الأكاديمي السادس للجمعية العربية للعلوم السياسية في فندق الساحة في بيروت تحت عنوان: “حركات التحرير والاستقلال والدروس المستفادة للمقاومة الفلسطينية”

أيها الأخوات والأخوة المشاركين في هذا المؤتمر الأكاديمي السادس الذي تنظمه الجمعية العربية للعلوم السياسية برئاسة الصديق العزيز المناضل الدكتور جمال زهران حول “حركات التحرير والاستقلال والدروس المستفادة للمقاومة الفلسطينية”.

وأبدأ كلمتي بتحية خاصة إلى كل المشاركات والمشاركين في هذا المؤتمر الهام الذي نرى في انعقاده في لبنان دعماً لصمود هذا البلد بوجه الاعتداءات الصهيونية المتواصلة عليه، ودعماً لخيار المقاومة بوجه محاولات الهيمنة الصهيونية والاستعمارية عليه، كما لا بد من تحية خاصة للجامعة اللبنانية التي ترعى هذا المؤتمر تأكيداً لدورها الوطني، طلاباً وأساتذة منذ تأسيسها.كما لا بد من توجيه التحية بشكل خاص إلى كل من تعاقب على رئاسة هذه الجمعية، أخص بالذكر الصديقين الكبيرين هما اول رئيس لهذه الجمعية ومؤسساً لها هو الدكتور وميض نظمي من العراق زميلنا في تأسيس المؤتمر القومي العربي وأحد الشخصيات العراقية الذي كان نموذجاً للمعارض الذي يختلف مع النظام في بلده، لكنه لا يختلف على الوطن، كان معارضاً للنظام لكنه كان مقاوماً للاحتلال، رحمه الله، كما لا بد من أن نذكر الرئيس الثاني للجمعية وهو الدكتور محمد المجذوب أول رئيس للمنتدى القومي العربي والذي كان رئيساً للجامعة اللبنانية ونائب لرئيس المجلس الدستوري في لبنان، وكان قومياً عربياً بامتياز وكان حريصاً أن يربط نضاله القومي بأفق قانوني ودستوري جعله من أميز الدستوريين العرب رحمه الله ورحم الدكتور وميض نظمي.

أيها الأخوات والأخوة

على بعد أمتار من هنا يقع مطار بيروت الدولي الذي بات اسمه مطار رفيق الحريري الدولي منذ عام 2005، وهو المطار الذي شهد في مثل هذه الأيام يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1968، أكبر عدوان صهيوني دمر 125 طائرة مدنية وتجارية من اسطول لبنان الجوي.لم يكن في لبنان آنذاك، لا مقاومة فلسطينية ولا مقاومة لبنانية، التي يتذرع بهما لتبرير عدوانه، بل كان لبنان ذاته هو المستهدف يومها لدوره الاقتصادي والحضاري المتنامي في تلك الأيام، ويومها لم توجه إلى العدو إلاّ رصاصات محدودة من صف ضابط لبناني هو أحمد شحادة، لم يتمالك نفسه، وهو يرى جنود الاحتلال يدمرون اسطول بلاده دون أن يجدوا من يواجههم، فكانت النتيجة أن أجبر على الاستقالة من الجيش الذي بات اليوم، ولحسن الحظ، أحد مصادر القوة للبنان في إطار المعادلة الذهبية “جيش وشعب ومقاومة”.

لكن ذلك العدوان لم يمر دون ردود فعل شعبية، فكان الإضراب الأول قي تاريخ الجامعات اللبنانية الأربع آنذاك، اللبنانية، والعربية، والأمريكية، واليسوعية، حيث اتحد طلاب لبنان يطالبون بالتجنيد الإجباري ولتحصين القرى الأمامية في إضراب دام ستة أسابيع دون انقطاع، وكان يُعتبر باكورة تحولات جذرية في حياة لبنان، وفي تواصل العدوان الصهيوني عليه، ونمو المقاومة اللبنانية على أرضه لتضم كل القوى الوطنية والإسلامية، وفي مقدمها مجاهدو حزب الله.

أردت أن استعرض هذه الواقعة العدوانية لكي أؤكد أن يقظة حركات التحرر في العالم اليوم لا يمكن قراءتها إلاّ من خلال ما عرفته أمّتنا من مقاومة، امتدت من مغرب الوطن الكبير إلى مشرقه، وفي القلب منه المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.بل أن كل ما تشهده هذه السنوات من شراسة عدوانية من قبل الكيان الغاصب على المقاومة في فلسطين ولبنان وجيشه كانت، هو إدراك لخطورة هذه المقاومة، ليس على المشروع الصهيوني فحسب، بل على المشروع الاستعماري برمته، وأنهما يشكلان طليعة حركات التحرر في العالم التي نراها هبت بملايين من أحرار العالم انتصار لغزة وعموم فلسطين، وأدّى إلى عزل كامل لهذا الكيان الغاصب والفاشي والعنصري.يبقى السؤال المطروح علينا جميعاً في هذا المؤتمر الهام، وفي كل المؤتمرات الأكاديمية والعلمية والقومية هو ما العمل؟.

اعتقد أن المطلوب هو إستراتيجية عربية وإسلامية وعالمية واسعة تكون الرد الحقيقي على ما تتعرض له أقطارنا من مجازر واحتلالات واعتداءات وهي استراتيجية تكمن في أمرين أساسين:أولهما هو السعي لإخراج الأمّة من أجواء الصراع العبثي القائم بين أقطارها وداخل كل قطر، سواء الصراع العرقي أو الطائفي أو المذهبي أو العقائدي، لأن احتدام هذا الصراع هو العنوان الأول لمشروع أعداء الأمّة.وثانيها هو بناء جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية والصهيونية تنضوي تحت لوائها كل قوى التحرر في العالم.

أيها الأخوات والأخوة

إننا إذ نحيي حضوركم إلى لبنان في هذا الظرف الخطير الذي يعيشه لبنان كما فلسطين، كما الأمّة العربية، هو دعم معنوي كبير للبنان، شعباّ وجيشاً ومقاومة، بل دولة وإرادة وطنية، وهو دعم يمكننا أن نواجه به كل المخاطر وننتصر عليها وسننتصر بإذن الله.