هناك خطتان أمريكيتان تسيران بالتوازي مع بعضهما وهما خطة ترامب ذات 20 بندا، والثانية خطة الظل تعمل عليها الولايات الأمريكية سرا تحمل أبعادا اقتصادية تهدف الى تحويل غزة الى ريفيرا غزة.

وتعزَّز الحديث عن هذه الخطة غير المعلنة بزيارة قام بها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى رام الله، حيث التقى نائب رئيس السلطة الفلسطينية، وذلك برفقة جاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط.ويرى خبراء أن زيارة بلير حملت هدفين أساسيين: الأول محاولة استكشاف وجس نبض السلطة الفلسطينية بشأن إمكانية لعب دور في إدارة غزة مستقبلًا، وذلك بعد سماح أمريكي–”إسرائيلي” بإشراكها في هذا الإطار. أمّا الهدف الثاني فيتعلق بمحاولة التفاف توني بلير وأمريكا على المواقف العربية والفصائلية الرافضة لأي إدارة غير فلسطينية للقطاع.وفي السياق ذاته، تحدثت وسائل إعلام العدو عن خطة جديدة لترامب، تقترح قيام دول خليجية بإعادة إعمار ست مناطق سكنية في شرق “الخط الأصفر” داخل غزة، وهو خط حدودي أعلن الاحتلال الصهيوني عدم الانسحاب منه.وتشير هذه المعطيات إلى غياب أي ضغط على الكيان الصهيوني اللقيط المؤقت للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ما يثير مخاوف من وجود نوايا لدفع الفلسطينيين نحو التهجير.

كما كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن اجتماعات متواصلة بين لجان أمنية واستخباراتية أمريكية ونظرائها “الإسرائيليين”، تتركز حول ملف نزع سلاح حماس ومعالجة أنفاق غزة.

ويمكن القول أن خطة تقسيم قطاع غزة التي رُوّج لها مؤخراً خدعة كبيرة ولا معنى لها، وبأن القطاع، البالغة مساحته نحو 360 كيلومتراً مربعاً، بات مقسّماً فعلياً إلى جزأين.

وحسب ما صرّح به المحللون العسكريون فإن الاحتلال يفرض سيطرته على 53% من مساحة القطاع، وتشمل هذه السيطرة مناطق رفح بالكامل، ومحور فيلادلفيا البالغ طوله نحو 14 كيلومتراً، وهو المحور الذي ينص اتفاق كامب ديفيد على أن يكون تحت إدارة فلسطينية–مصرية مشتركة، ما يعني أن الاحتلال تجاوز نصوص الاتفاق وتجاوز القيود المفروضة على الوجود الأمني المصري في سيناء.وتبسط قوات الاحتلال نفوذها على مناطق واسعة تمتد من شرق خان يونس إلى شرق غزة، بالإضافة إلى بيت لاهيا وبيت حانون شمال القطاع، وهي المناطق المتاخمة للمستوطنات، ما يجعل “الحزام الشمالي لغزة بالكامل” تحت السيطرة “الإسرائيلية”.

وتفيد المعطيات بأن الجيش الصهيوني يفرض ما يشبه “منطقة أمان” تمتد لثلاثة كيلومترات، يسمح فيها باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة واستهداف أي فلسطيني يقترب منها، إضافة إلى فرض سيطرة جوية تامة على القطاع.

في نفس السياق تناولت عديد التقارير الخريطة بالخطوط الأصفر والأحمر والرمادي، حيث إن المرحلة الأولى (الخط الأصفر) تتعلق بتسليم حركة حماس الأسرى الصهاينة الأحياء، ثم جثامين القتلى، وهي مرحلة لم تُستكمل بعد. وعند الانتقال إلى الخط الأحمر، تبدأ مرحلة انتشار قوة دولية في المناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال تدريجياً، ابتداءً من رفح وصولاً إلى شمال غزة.وأشارت التقارير إلى أن الانسحاب “الإسرائيلي” في هذه المرحلة “ليس انسحاباً كاملاً” بل مشروطاً، إذ تتولى القوة الدولية –وفق المقترحات المطروحة– مهمة نزع سلاح الفصائل وتدمير الأنفاق، رغم غياب التفاصيل الدقيقة في الاتفاقات المتداولة.

أما المنطقة العازلة أو “الخط الأخضر” فهي تقع خارج حدود غزة، حيث يعمل الاحتلال على إنشاء خطوط دفاعية قرب المستوطنات المحاذية للقطاع، لتصبح الشرطة الفلسطينية والقوة الدولية مسؤولة عن إدارتها ضمن ما يسمى بالمرحلة الثالثة من الاتفاق.إعادة الإعمار في مناطق تحت السيطرة “الإسرائيلية”

وبخصوص ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال بشأن خطط لإقامة ست مناطق سكنية في ما يسمى “المنطقة الخضراء”، يقول الخبراء إن هذه المناطق –المقدر عدد وحداتها بـ 25 ألف مسكن – ستكون تحت السيطرة “الإسرائيلية”، والهدف منها هو “فرض واقع أمني مشابه لما يجري في الضفة الغربية”، من حيث سهولة اقتحام قوات الاحتلال للمدن وفرض القيود.

وتجدر الإشارة أن هذا الرقم “لا يساوي شيئاً” أمام ما يقرب من 450 ألف وحدة سكنية تم تدميرها في القطاع، لتصبح هذه الخطة مجرد “محاولة لكسب الوقت ولإضفاء شرعية على واقع السيطرة “الإسرائيلية”في غزة”.

ومازال الاحتلال يمارس مناورة واسعة في كل مراحل التفاهمات المطروحة مما أدى إلى سقوط 350 شهيداً منذ إعلان ما يسمى وقف إطلاق النار، بينهم 200 مقاتلا في مناطق سبق الإعلان عن “تطهيرها”، ما يدل على استمرار العمليات العسكرية بشكل مكثف.