بيان سياسي صادر عن حزب العمال
حول قرار مجلس الأمن رقم 2803 (2025) والخطة الأمريكية المسماة بالخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة
العمال: قرار مجلس الأمن الاخطر في تاريخ الصراع وخطة ترامب حصان طروادة لتنفيذ “اسرائيل الكبرى” ونهب موارد المنطقة
عمان، في 20 / 11/ 2025


يتابع حزب العمال بقلق بالغ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2803 (2025) المتعلق بقطاع غزة، والملحق به ما يسمى بـ”الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة” التي وضعها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويرى الحزب أن هذا القرار وما يتضمنه من ترتيبات سياسية وأمنية واقتصادية يمثلان انحرافاً خطيراً عن المرجعيات القانونية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومحاولة لإعادة تسويق “صفقة القرن” بثوب أممي جديد بعد أن رُفضت شعبياً ورسمياً على امتداد الوطن العربي والعالم.
أولاً: في خطورة القرار 2803 ومضمونه السياسي

  1. خصخصة القرار الدولي لصالح مشروع أمريكي أحادي
    إن تحويل خطة سياسية يحملها رئيس دولة بعينها إلى ملحق رسمي لقرار صادر عن مجلس الأمن، ومنح هذا الرئيس رئاسة ما يسمى بـ”مجلس السلام” بوصفه إدارة انتقالية ذات شخصية قانونية دولية، يمثل مسّاً خطيراً بحياد المنظمة الدولية وبمبدأ المساواة بين الدول والشعوب، ويجعل من مجلس الأمن منصة لتدويل مشروع أمريكي–إسرائيلي بدلاً من أن يكون إطاراً لحماية السلم والأمن الدوليين وفق أحكام الميثاق.
  2. تغييب الاحتلال وتهميش المرجعيات القانونية
    يتجاهل القرار توصيف إسرائيل بوصفها قوة احتلال لقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ولا يكرر المبدأ الراسخ في القرار 242 بعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ولا يشير إلى القرارات 338 و1860 و2334 وغيرها. وبدلاً من ذلك، يحصر المشكلة في ملف أمني وإنساني في غزة، ويستبدل جوهر القضية المتمثل في إنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير بخطاب عام عن “التعايش السلمي” المؤجل إلى مستقبل غير محدد.
  3. فرض وصاية دولية على غزة وتهميش التمثيل الفلسطيني
    ينشئ القرار مجلس السلام وقوة استقرار دولية بولاية واسعة على الحكم والإدارة والأمن وإعادة الإعمار، ويجعل السلطة الفلسطينية مجرد طرف يُشترط عليه استكمال “برنامج إصلاح” قبل السماح له باستلام غزة، بينما تُهمَّش منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وهذا يشكل انتهاكاً لحق الشعب الفلسطيني في اختيار ممثليه ونظام حكمه، ويحوّل غزة إلى منطقة خاضعة لوصاية سياسية وأمنية دولية برئاسة أمريكية.
  4. أولوية مطلقة لنزع السلاح مقابل غياب المحاسبة عن الجرائم
    يركّز القرار والملحق على نزع سلاح المقاومة في غزة وتدمير بنيتها العسكرية ومنع إعادة بنائها، ويربط إعادة الإعمار وتدفق المساعدات بتحويل القطاع إلى “منطقة خالية من الإرهاب”، في حين يغيب تماماً أي التزام واضح على إسرائيل بإنهاء الاحتلال ورفع الحصار ومحاسبتها على جرائم الحرب والإبادة والحصار الطويل الذي تعرّض له الشعب الفلسطيني في غزة.
  5. تحويل حقوق الأسرى والضحايا إلى صفقات رقمية
    يورد الملحق أرقاماً تفصيلية لتبادل الأسرى والجثامين، بما يحوّل قضية الأسرى – بما تحمله من أبعاد إنسانية وقانونية – إلى مجرد بند تفاوضي رقمـي، دون التطرّق إلى عدم شرعية الاعتقال الإداري وظروف الاحتجاز القاسية وحقوق آلاف الأسرى القدامى والمرضى والأطفال.
  6. إبقاء الدولة الفلسطينية وعداً مشروطاً ومؤجلاً
    يربط القرار الحديث عن “مسار موثوق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية” بسلسلة طويلة من الشروط الأمنية والإدارية المفروضة على الفلسطينيين وحدهم: نزع السلاح، إصلاح السلطة، نجاح برامج إعادة الإعمار، وتحويل غزة إلى منطقة “منزوعة التطرف”. وبذلك تتحوّل الدولة من حق أصيل غير قابل للتصرف إلى مكافأة محتملة في نهاية طريق مليء بالإملاءات، في تناقض واضح مع قرارات الأمم المتحدة ذاتها وميثاقها.

ثانياً: البدائل والمطالب التي يطرحها حزب العمال
انطلاقاً من هذه الملاحظات الجوهرية، يؤكد حزب العمال ما يلي:

  1. التمسك بالمرجعيات القانونية الدولية
    يرفض الحزب أي محاولة لتجاوز أو إلغاء القرارات 242، 338، 1860، 2334، وأحكام القانون الدولي الإنساني، ويشدد على أن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة هي أراضٍ فلسطينية محتلة، وأن أي ترتيبات سياسية أو أمنية يجب أن تنطلق من هذا الأساس، على طريق إنهاء الاحتلال كاملاً وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
  2. رفض الوصاية الأمريكية على غزة وأي إدارة انتقالية لا تستند إلى الإرادة الفلسطينية الحرة

يؤكد الحزب أن أي إدارة انتقالية أو ترتيبات أمنية في غزة لا تكون شرعية إلا إذا قامت على أساس التوافق الوطني الفلسطيني الشامل، عبر منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة المنتخبة، وبرعاية أممية وعربية جماعية، لا برئاسة فرد أو دولة بعينها. ويرفض الحزب تحويل غزة إلى ساحة تجريب لمشاريع أمنية واقتصادية مشروطة.

  1. فصل البعد الإنساني عن الابتزاز السياسي
    يطالب الحزب برفع الحصار الشامل عن غزة فوراً، وفتح المعابر بشكل كامل ودائم، وتدفق المساعدات وإعادة الإعمار كحق للمدنيين وليس كأداة ضغط لإجبار الشعب الفلسطيني على قبول ترتيبات سياسية مجحفة. كما يدعو الدول العربية والإسلامية إلى تبني برامج دعم وإعمار مستقلة عن أي اشتراطات سياسية مجحفة.
  2. مبدأ التلازم بين الأمن وإنهاء الاحتلال
    يقرّ الحزب بأن حماية المدنيين ووقف استهدافهم هدف إنساني وقانوني مشروع، لكنه يشدد على أن أي نقاش حول الأسلحة أو الترتيبات الأمنية لا يمكن أن يكون أحادي الاتجاه، بل يجب أن يتلازم مع جدول زمني واضح وملزم لإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان ورفع الحصار، ومع آليات محاسبة دولية على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
  3. التحرك في الجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية
    يدعو حزب العمال إلى مواجهة هذا القرار عبر حراك دبلوماسي وقانوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لاستصدار قرارات تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وترفض الوصاية المفروضة على غزة، وإلى مواصلة المسار القانوني أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية من أجل مساءلة الاحتلال على جرائمه وسياساته الاستيطانية والتمييزيـة.
  4. وحدة الصف الفلسطيني ورفض تحويل غزة إلى كيان منفصل
    يحذر الحزب من خطورة تحويل غزة إلى ملف منفصل عن مجمل القضية الفلسطينية، ويدعو إلى الإسراع في تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية على أساس برنامج مقاومة وطني موحد، يربط بين غزة والضفة والقدس والشتات، ويحمي وحدة الأرض والشعب والقضية.

خاتمة
إن حزب العمال، إذ يعلن رفضه القاطع لقرار مجلس الأمن 2803 (2025) بصيغته الحالية وما يتضمنه من خطة أمريكية تعيد إنتاج “صفقة القرن”، يؤكد تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل الحرية والاستقلال وعودة اللاجئين، وحقه في توظيف كل وسائل المقاومة للدفاع عن نفسه وأرضه وتاريخه وهويته ومستقبله وتقرير مصيره والحصول على دولته المستقلة على ترابه الوطني، ويدعو الحكومات العربية والقوى الحية في الأمة والعالم إلى الوقوف في وجه أي مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو شرعنة الاحتلال تحت مسميات “السلام” و”الازدهار”.، وعدم التعاون مع مجلس السلام المزعوم لأنه مجلس وصاية وانتداب ينقلب على كل مبادئ الأمم المتحدة وأسباب قيامها ومشروعيتها ويحول القانون الدولي الى العوبة والمجتمع الدولي الى حصان طروادة لتنفيذ مخططات الادارة الامريكية المتماهية تماما مع مشروع الاحتلال الاسرائيلي واسرائيل الكبرى.
وسيواصل الحزب، من موقعه الوطني والقومي، العمل مع القوى السياسية والنقابية والمدنية لتشكيل أوسع جبهة تضامن مع الشعب الفلسطيني، دفاعاً عن الحقوق التاريخية غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها الحرية، والاستقلال، والعودة، والعدالة.