كتب فايز أبو شمالة: التنظيمات الفلسطينية كلها رفضت المشروع الأمريكي المقدم إلى مجلس الأمن، ولكن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أعلنت أنها تؤيد مشروع القرار الأمريكي، رغم سوءته السياسية والأمنية، ورغم تجاهله حقوق الفلسطينيين، حتى أن المشروع الأمريكي لا يتحدث عن دولة فلسطينية صراحة، ولا يأتي على ذكر الاحتلال الإسرائيلي بكلمة سوء واحدة، ولا يتحدث عن انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية، ولا يدعو إلى وقف الاستيطان.
الجملة اليتيمة التي أفرحت السلطة الفلسطينية ورقصت لها تقول: وستُطلق الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر” وهذا التعايش السلمي المزدهر مقترن بإصلاحات تجريها السلطة على البرامج التعليمية، ومراجعة التاريخ الفلسطيني، بما يتناسب والرواية الإسرائيلية.
المشروع الأمريكي يتحدث عن التعايش السلمي المزدهر، ويتجاهل حق تقرير المصير، ويتجاهل خطر الاستيطان، ولا يدعو إلى وقف العدوان، وليس هناك أي إشارة تدل على رؤية أمريكية متوازنة لحل الصراع، وتخلص المجتمع الفلسطيني من الاحتلال بعد كل هذه السنوات.
فإذا أضيف إلى ما سبق مسؤولية مجلس السلام الذي يترأسه ترامب بوصفه إدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية، من شأنها أن تضع الإطار وتنسق التمويل لإعادة تطوير غزة وفقاً للخطة الشاملة، فذلك يعني أن الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة سيكون تحت الوصاية الأمريكية، بتفويض قانوني دولي.
مجلس السلام الأمريكي هو الذي سيشكل قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة للانتشار تحت قيادة موحدة، مع مساهمة الدول المشاركة بقوات، بالتشاور والتعاون الوثيق مع جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، والتشاور مع دولة إسرائيل يعني أن قوة الاستقرار قادمة إلى غزة بمهمات أمنية تهدف إلى مرضاة العدو الإسرائيلي، وتحقيق كل مطالبه الأمنية والسياسية في غزة وغير غزة، دون حديث عن أي انسحاب إسرائيلي من غزة، قبل أن تستكمل قوة الاستقرار المهمات التي ستكلفها بها دولة العدو الإسرائيلي.
عيوب مشروع القرار الأمريكي الذي طرح للتصويت على في مجلس الأمن كبيرة جداً، وتمس مستقبل القضية الفلسطينية ككل، ولا يقتصر ضررها على غزة، فالقرار الذي سيسري على أهل غزة سيطبق على أهل الضفة الغربية لاحقاً، وهذا الذي حرك المنظمات الفلسطينية بكل أطيافها الحزبية لتعلن رفضها لمشروع القرار الأمريكي، هذا الرفض الشعبي الفلسطيني يفقد تأثيره طالما أعلنت السلطة الفلسطينية أنها توافق، وتشجع، وتحفز، وتحض على الموافقة على مشروع القرار الأمريكي الذي ستعترض عليه الجزائر، ولا توافق عليه الصين وروسيا.
فهل وصل الأمر بقيادة السلطة الفلسطينية، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بان تكون أقل وفاءً والتزاماً بالحقوق الفلسطينية من دولة الجزائر، ومن روسيا والصين، الدولتان العظميان اللتان تحفظتا على صيفة قرار أمريكي يتجاهل الحقوق الإنسانية والأساسية للشعب الفلسطيني؟.
الجواب متروك للشعب العربي الفلسطيني!
والسؤال: إلى متى؟
إلى متى يظل مستقبل الشعب العربي الفلسطيني مرهون بمواقف قيادة تتسع لتحالفات دولية، وتضيق على المصالح الفلسطينية؟.
