قرار مجلس الأمن رقم 2803 ومنح مقترفي ‌ العرقبادة ⁩ صك براءة والسيطرة على فلسطين

‏أ. د. مكرم خُوري – مَخّوُل

‏قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2803 (2025)، الذي اعتمد في 17 نوفمبر 2025، يدعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “للسلام” في غزة المُحتلة، والمعروفة بـ”الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة” (20 نقطة)، والتي تم تسويقها كرافعة لتعزيز وقف إطلاق النار الحالي (الذي بدأ في 10 أكتوبر 2025)، وإنشاء قوة استقرار دولية (ISF)، ومجلس سلام انتقالي (Board of Peace) برئاسة ترامب حتى نهاية 2027، مع التركيز على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ، إعادة الإعمار، وتدريب شرطة فلسطينية جديدة، والذي حصل القرار على 13 صوتًا مؤيدًا، مع امتناع الصين وروسيا، ولم يواجه فيتو – إنما هو نصٌ غامض مخادع يخدم المحور الصهيو – أمريكي في فترة ما بعد العِرقبادة والتوجه للإطباق الكامل إلى فلسطين.

‏القرار لا يحدد مراحل لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وإنما يربطها بنزع السلاح مع الاحتفاظ بوجود اجرامي إسرائيلي في “محيط أمني” حتى ضمان عدم عودة ما يسمونه بـ “التهديدات الإرهابية”.وعند ذِكر الدولة الفلسطينية، فيشير القرار إلى “مسار موثوق لتقرير المصير الفلسطيني والدولة” بدون توفير جدول زمني وبدون التفسير ما هو “المسار الموثوق تاركين الحال لمزاج الاحتلال ومن يدعمه باقرار رضاهم عن إصلاحات في السلطة الفلسطينية وعدم تحديد جدولًا زمنيًا ملزمًا.

‏القرار 2803 يربط الانسحاب بـ”تقدم ISF في السيطرة والاستقرار”، مما يجعله شرطيًا وليس زمنيًا ثابتًا.

‏هو قرار لمصلحة الاحتلال :

‏هذا يمنح الاحتلال الإسرائيلي “فيتو ميدانيًا” غير مباشر، حيث يمكنه تأخير الانسحاب إذا لم يتحقق التقدم وفقاً لمراجع ومخططات.

‏كما أن الخطة تتبع استراتيجية “الاستقرار مقابل الأمن”، حيث تتحمل ISF مسؤولية الاحتلال مؤقتًا دون كلفة إسرائيلية، مع التركيز على “الأمن أولاً” قبل أي انسحاب نهائي.

‏نص القرار هو عبارة عن منح الاحتلال الاسرائيلي حق تقرير مصير قطاع غزة وفلسطين ككل. فلم يتأخر المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية ومُقترف العِرقبادة (نتنياهو) عن تأكيده رفضه “القاطع” لأي انسحاب يهدد “الأمن”، مهدداً على أن “غزة ستُنزع سلاحها بالطريقة السهلة أو الصعبة”.

‏فالحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، تحت ضغط الجناح الفاشي رفضت أي جدول زمني يُلزمها، مما دفع الولايات المتحدة إلى صياغة النص بشكل مرن قابلة بالموقف الصهيوني وذلك لما يسمى زوراً بـ “تجنب الانهيار الدبلوماسي”.

‏الشروط المخادعة القديمة الجديدة.

‏بدأ أسلوب طلب السلطة الفلسطينية بالارتقاء إلى مستوى “الحضارة المهنية” لم يبدأ بهذا القرار وإنما بعد اغتيال عرفات في 2004 وفرض التمويل “بالتقدم” على حكومة د. سلام فياض محطة مخادعة لإستغلال الوقت وتوسيع المستعمرات في الضفة الغربية. بالنسبة للمحور الصهيو – أمريكي فان الشعب الفلسطيني ما زال متخلفاً عاجزا على ادارة ذاته وذلك كحجة لاستمرار الاحتلال.

‏القرار يذكر “إمكانية” الدولة بعد إصلاحات في السلطة الفلسطينية (مثل مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية)، لكنه يجعلها مشروطة دون موعد نهائي. والأسباب:

‏1. الشرطية على الإصلاحات والإعمار

‏يُشترط إكمال برنامج إصلاحي للسلطة الفلسطينية و”تقدم إعادة الإعمار” في غزة قبل أي “مسار موثوق للدولة”. هذا يعكس تفضيل الولايات المتحدة لـ”الأمن الصهيوني أولاً، ثم الدولة لاحقًا (بكرا بالمشمش؟)”، حيث لا تفاصيل واضحة عن الإصلاحات أو جدولها، مما يمنح الاحتلال السيطرة على كل شيء – فلن يعجبه شيء.

‏2. ورغم كل ذلك ولاهداف الهيمنة، فان رفض الاحتلال إسرائيلي الصريح لاقامة دوام فلسطينية عبر إعلان المحرم نتنياهو: “معارضتنا لدولة فلسطينية في أي أرض لم تتغير”، وهكذا فقد دفعت الولايات المتحدة (راعية العِرقدادة منذ بايدن وبلينكن) إلى جعلها “غامضة ومشروطة” لتجنب التصعيد، رغم مطالب الدول العربية والأوروبية (الفاشل) بتزامن أقوى.

‏3. التوازن الدبلوماسي والضغوط الدولية:

‏ان نقول ان الدول العربية قبلت النص كـ”خطوة أولى” رغم النقص، لأنه يُنهي “الوضع غير الحربي وغير السلمي” في غزة، ويمنع الضم هو ادعاء قاصر. فكان بامكانها التنسيق افضل والضغط اكثر. لماذا، ورغم كل اتفاقيات الاستثمار العربي في امريكا، ما زال الاسرائيليين يفرضون ما يريدونه ؟

‏4. الآثار والتحديات

‏هذا النهج الاستبداديّ الاستعماري للمحور الصهيو – أمريكي (وعدم رفع سقف الضغط العربي الذي يرى فرصة للتخلص من فكرة المقاومة وحركات اسلاماوية مثل حماس وغيرها) يجعل التنفيذ وهمي وغير مستقرا، حيث سيبقى قطاع غزة “مقسماً وغير مستقراً” بدون سلطة فلسطينية فاعلة أو آلية سياسية واضحة.

ورغم إعلان السلطة الفلسطينية عن استعدادها للتعاون، وطالبتا بـ”انسحاب كامل ومنع الضم” إلا انها تبقى ضعيفة وتحت الاحتلال الاسرائيلي المفترس الذي أخذ أقطابه (بن غفير) بتهديد الرئيس التسعيني محمود عباس بـ “زنزانه جاهزة له”!

‏‌ ⁩