إلى غائب!
في هذا الليل القاتم، تسبق عقارب الساعة الدقائق، والدقائق الثواني. أجلس في سجني الكبير، غرفة بلون أزرق، والسجائر تشتعل وبجانبها كوب من القهوة، لعلي في مرها أذكر مرارة الوقت، والسيف الذي قطع أبهري في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، وأعيد المشهد تكرارًا في مخيلتي، وضباب السجائر يعلو على الغيوم وضباب الطقس، لكن ضبابية في المشهد مفقودة، فالأمر لا يحتاج منذ بدايته إلى ضبابية. وأكتب هذه الكلمات:
لم يعد يذكرني قلمي
وكلمة تسبق الكلمة
والحرف يتبعثر على ورقة من الضياع
ومن سهلٍ أضحى جبال ركام
ومن غزة تصرخ الآلام، ولم تعد الأقلام تكتب
وبين شامٍ ضاعت ومقاومة تصمد
هل تبقى الآمال؟
لم يعد يذكرني قلمي
في دمشق كان الحلم يكبر
وعلى قمة حرمون صرخت خبطة الأقدام!
كيف تتبدل الأعلام ودماء الشهداء على قمة الشيخ رسمت الطريق للشام العظماء؟
لم يعد يذكرني قلمي
وسيد الأرض لم يعد يخبرنا ماذا بعد؟
وطبيبٌ غدا بين خيانة أمة والاختطاف
أسير في يداه الدواء
والعلة بانت من باب خلفي في كل المحافل
فأمست عند السكارى فكرة
فكرة عدت في مطبخ إعلام
والسكارى ثملوا بزجاجِ الكؤوس
وفي الشام راية ترفرف بمدرعة أتت من الجنوب
ومجهول النسب في بردى ينعم
ومقدرات دولة تقصف
وشعبٌ باسم الله يُقتل
ويهلل المجهول جهراً ويرتل:
باسم الشمعدان والإبراهيمية نبدأ
وشعار مرفوع منذ عقد ونيف، نشيد منسي
فعرفت كيف تهدم الأوطان
وكيف تصبح الخيانة حنكة
والذل دبلوماسية
والحنكة حقيبة
أما نحن فنرتل باسم الجيش العربي:
هذه دماؤنا، لن ننسى عروبتنا
هؤلاء شهداؤنا، لن نغفر
باسم الأسد الذي صمد
والنمر الذي كافح، وأبو يعرب الصلب
سنبقى للعروبة محافظين
وللاشتراكية منظرين
وللوحدة عائدين
وللحرية وطن من محيط للخليج منادين.
محمد البرابراوي_القدس
