العملية الانتخابية ليست سوى إعادة إنتاج لوجوه استهلكها الولاء للخارج، حتى غدت الانتخابات ديكورًا يُخفي بهِ النِّظام ملامح استبداده، ويُمرّر خيانته بشعارات وأكاذيب تُسَوَّق للناس تحت يافطة “الديمقراطيَّة”، إنّ الحديث عن انتخابات تُجرى تحت سيطرة الهيمنة الأجنبية المتمثّلة في الامبرياليّة الأمريكيّة والنفوذ الإيراني والتركي، لا يُعدّ إلّا الطريق الأمثل لحماية المصالح الأجنبية تحت مسمى الانتخابات!
إن المرشحين في القوائم يعتمدون على أساليب هزيلة وباليّة، منها تبليط الشوارع وترميم بعض الأرصفة، وشراء أصوات الناخبين والضحك على ذقونهم عبر إعطائهم وعود كاذبة، كما يرتكزون بشكل كبير على الخطاب الطائفي والعنصري الذي تتصاعد وتيرته في كل دورة انتخابية، فتجرى الانتخابات وفق الانتماءات الطائفية والقومية، لا على أساس الهوية الوطنيّة، كما تُجرى الانتخابات أيضًا تحت تهديد السِّلاح الذي ترفعه المليشيات بأطرافها المتعددة، وكذلك يقوم المرشحون بممارسات تتناقض مع قانون الانتخابات، إذ يستغلّون أموال الدولة وأجهزتها الخاضعة لسلطتهم، للترويج لأنفسهم، من دون تقديم أيّ برنامج سياسيّ يُذْكر.
وكل ذلك إنما يُعدُّ خرقًا صريحًا لمبادئ الديمقراطية، وسعيًا للهيمنة على السلطة وتقاسم النفوذ والمناصب.
أمّا الحديث عن الديمقراطية فليس سوى زيف وذريعة تتخذها الزُّمر المرشّحة لتمرير الانتخابات، وأحَّد أهم شروط الديمقراطيَّة هو احتكار الدولة حصرًا لتشكيل المنظمات المُسلّحة وانتفاء وجود الميليشيات, التي يمنع تشكيلها الدستور العراقي، فالديمقراطية تخضع لشروط وضوابط لا يمكنها إلّا أن تتناقض مع الفوضى التي تتجدّد كل أربع سنوات، إنّ الفوضى وحدها من تتيحُ لشخصيّات هزيلة المشاركة في الانتخابات، إذ إنَّ الديمقراطية في جوهرها لا تسمح بأي مرشَّح لا يحمل مشروع وطني حقيقي يخدم المصالح الوطنية العليا.
المسألة ليست معارضة التغيير بالطرق السلميّة، بل الاعتراض على واقع الانتخابات الحالية ومحاولة حصر النضال في البرلمان فقط، هناك وسائل بديلة للنضال يجب طرحها، بما يناسب الوضع الراهن. وفق المعطيات التي نراها، لا بدّ من تحوّل اجتماعي جذري يُنْهِي التبعية الاقتصاديّة والسِّياسيَّة للهيمنة الأجنبيّة، عبر التحرر الوطني واسترداد أسس استقلال العراق وسيادته الوطنيّة، والعمل على فتح المصانع والمعامل، وتنشيط الزراعة، واستنهاض الثقافة التقدميّة وإصلاح المنهج التعليمي لخدمة المجتمع.
سجاد محمد
