بعد معركة انتخابية حامية الوطيس، والتي وصلت قلوب الصهاينة فيها إلى الحناجر، وصرف ملاين الدولارات لتشوه سمعته واقصائه، فاز المرشح عن الحزب الديمقراطي زهران ممداني بمقعد عمدة مدينة نيويورك التي تُعد من أهم المدن في الولايات المتحدة الأمريكية، وثِقل مالي واقتصادي رفيع المستوى. ويمكن القول أن نيويورك هي دولة داخل دولة.
وبالعودة إلى الزلزال القاسي على الصهيونية وشركائها، بفوز ممداني المسلم الاشتراكي الهندي الأفريقي المهاجر، والمناصر لفلسطين المعادي للكيان الإسرائيلي المحتل، الذي نزل إلى الشارع نصرةً لفلسطين وغزة، وصرح في السر والعلن أنه في حال دخول رئيس وزراء العدو بنجامين نتنياهو إلى مدينة نيويورك، سيتم اعتقاله وتقديمه للعدالة.
بطبيعة الحال، فإن البرنامج الانتخابي الخدماتي الذي طرحه ممداني كان له تأثير كبير على فوزه، ولكن ما لا يقل عنه أهمية هو عداؤه لإسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن نيويورك تضم ثاني أكبر جالية يهودية في العالم بعد الكيان المحتل، حوالي مليون ونصف يهودي، وعدد الإسرائيليين المقيمين في المدينة يتراوح بين مئة ومئة وخمسون ألف نسمة.
فوز ممداني أتى في عقر دار الصهاينة في سابقة تاريخية من مهاجر مسلم معادٍ لإسرائيل. وبذلك يكون قد أسقط سردية أن الحرب تدور بين المسلمين واليهود، بنسبة تصويت 67% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 44 عاماً قد صوتوا له. وفي نفس الوقت، لمن تابع إعلام العدو الإسرائيلي يرى النوح والبكاء والكثير من العناء في تقبل خبر فوز ممداني، والذي أظهر من جديد أن الكيان المحتل هو الولاية الـ 51 من الولايات المتحدة الأمريكية. وبالحديث عن الولاية الـ 51، لم يترك رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب فرصة للهجوم على ممداني ووصفه بـ “المعادي لليهود”.
لا شك أن مسيرة صعود ممداني على سلم السلطة منذ المراحل التمهيدية كانت عاملاً من عدة عوامل أخرى ضاغط على ترامب للمبادرة والضغط لإيقاف حرب الإبادة في غزة. غزة التي قهرت القهر وجعلته يركع بين يديها طالباً الرحمة، رغم الألم والشهداء، جلست غزة على طاولة المفاوضات تقول نعم ولا.
من دون أدنى شك، فإن فوز ممداني هو حدث تاريخي لمدينة نيويورك، فهل نرى ممداني يعيد الكَرَّة في المستقبل من بابها الأوسع ويكون مُتربعاً على عرش البيت الأبيض في يوم من الأيام؟
وهل يقف رجال الأعمال الكبار واللوبي الصهيوني متفرج كيف تسحب السجادة من تحت قدميه؟
الأيام وحدها كفيلة بكشف مسار التغير الذي بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية، أكان في صالح شعوب الأرض أو شياطينها.
يوسف كركي.
