هل انتهى بنا الأمر هنا أم ننتظر العنقاء؟

من أكثر المشاهد المريبة التي تشهدها المنطقة الآن: الطبخة التي يعدها الكيان لسوريا، إذ بدأ بعد الثامن من ديسمبر بتتويج المؤامرة الصهيوأمريكية التي أُحيكت لها، هذه المؤامرة التي لا يخفى على أحد أن الكيان لاعب أساسي فيها، بدليل تصريحات فرعون العصر نتنياهو وغيره من كبار الساسة الصهاينة والأمريكان والأوروبيين.

هل لشخص قرأ العقيدة الصهيونية وخاصة في وجهها الليكودي المتطرف، أن يقتنع أن احتلالاً استيطانياً إحلالياً استعمارياً، همه فقط أن يقوم ببعض التحركات العسكرية حفظاً لأمنه كما يدعي؟ هل الإعلان الواضح عن المشروع الصهيوني الكبير المسمى “إسرائيل الكبرى” مجرد ديماغوغية لإرضاء الجمهور الصهيوني المتطرف؟

بصراحة مطلقة، إن الكيان الصهيوني يملك الآن فرصة ذهبية لتنفيذ خططه التوسعية في سوريا، وكيف لا؟ فمن يشاهد تحركاته المريبة فيها وتزامنها مع توغلات الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى حملات الاعتقال للمواطنين السوريين من حين لآخر، وما حققه الصهيوني من اختراقات داخل المجتمع الدرزي، وما سبق هذا من تدمير لقدرات الجيش العربي السوري، ووجود حكومة سورية موالية للمشروع الغربي وخاضعة للكيان الصهيوني وتكرس للطائفية التي تفتت الأوطان لتصبح لقمة سائغة في فم الأعداء، ناهيك عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والضبابية السياسية التي تعيشها، وما تشهده من حركات انفصالية كردية ومؤامرات تركية، وبالإضافة إلى عوامل لا حصر لها، يعي تماماً أن هذا هو الوقت الأنسب لاحتلالها.

بناءً على ما ذُكِر ونراه، أصبحت سوريا الآن أكثر من أي وقت مضى تربة خصبة للاحتلال، لكنها بالمقابل تربة خصبة بشكل أكبر للفكر الوطني المقاوم الرافض لهذا الاحتلال.

شهدت سوريا عدة عمليات بطولية كانت تتبناها حركات مقاومة غير مرتبطة بحكام دمشق الجدد، وحتى أنها لا تعترف بعلم “الثورة”. نذكر منها جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا “أُولي البأس” والمقاومة الشعبية السورية.

كانت تستهدف هذه العمليات قوات الاحتلال الصهيوني من حين لآخر، وكانت أول عملية في الحادي والثلاثين من يناير من العام الحالي. ووفق مراقبين، بعض العمليات اعترف بها العدو وبعضها الآخر لا، وبعضها أعلنت عنه المقاومة وبعضها لا. لكن الأهم: هل هذه العمليات هي كل ما في جعبة سوريا؟ وهل هذه العمليات كافية لدرء خطر ما ينتظرها من احتلال لا يفوت فرصة لممارسة هوايته الإمبريالية؟ وهل الخطة الصهيوأمريكية حُبكت إلى حد لا يستطيع أحد حل رموزها؟ هل سينتهي المشهد على هذه النهاية الحزينة؟ أم أن الاحتلال مُقدِّم على مستنقع سيجرفه إلى قاع الزوال؟

رغم أن مشهد سوريا معقد جداً ويكثر به ما يدعو للتشاؤم، لكنني أؤمن أن ما زال فيها أحرار سيقلبون الطاولة في لحظة خاطفة، وستعانق الشام فلسطين ولبنان.

أبو الأمير – القدس