منذ السابع من أكتوبر 2023، انقسمت الرؤى بين من اعتبر ما جرى ضرورة وطنية لتصحيح مسار الصراع، ومن رآه مغامرة غير محسوبة أضرّت بالقضية الفلسطينية.
بمفهوم حماس جاء السابع من أكتوبر نتيجة حتمية لتراكم القهر والحصار والفقر واشتداد حالة الأزمات وجيش البطالة وعدم وقوف المجتمع الدولي في مواجهة حكومة المتطرفين الدينية في الكيان لإيجاد حلول تنهى حالة العزلة الدولية لغزة وحالة مراكمة أزماتها من انقطاع الكهرباء والواقع الصحي المعقد وعدم وجود علاج للأمراض المزمنة أبرزها السرطان وربط ذلك بالتحويلات وما رافق هذا الملف من فساد، ناهيك عن القيود على سفر أهالي غزة، بخلاف حالة “الإحباط السياسي” والانقسام الداخلي.. وعديد الأزمات التي رافقت حياة أهل غزة.
كانت غزة قد أطلقت صرخاتها قبل السابع من أكتوبر عبر مسيرات العودة في 2018 التي طالبت بضرورة تحرك المجتمع الدولي. والنتيجة كان شبيهة بصراخ طفل في مسرح ضخم فارغ..
قاتلت غزة في محاولة لانتزاع جزء من حقوق أبنائها وأهلها.. وبعد الضغوطات التي كان يصل أقساها دخول غزة في عدد من المواجهات العس.كرية المحدودة مرفقة برسالة أن غزة بحاجة لحلول دائمة لأزماتها؛ لا معالجة بحلول “ترقيعية” مؤقتة لا ترسم بالمطلق حلًا ينهي حالة العذاب الذي رافق ابن غزة الذي بات همه “قبل الحرب” كيف يهاجر وكيف يصل إلى اليونان وبلجيكا وغيرها من الدول.
وعليه فأن حماس كانت ترى في الـ 7 من أكتوبر محاولة أخيرة لكسر معادلة الموت البطيء التي فُرضت على غزة منذ أكثر من 17 عامًا .. وليس نزوة عس.كرية أو ترف نضالي في غير موضعه .. ربما اختلفت التقديرات في التوقيت والنتائج، لكن لا يمكن إنكار أن ما بعد 7 أكتوبر ليس كما قبله..
السابع من أكتوبر كان صرخةً من قلب المعاناة.. صرخة إنسانٍ حُشر في زاوية الموت، حتى القطة لو حشرتها في الزاوية ستقاتلك بأظافرها حتى الموت .. فعل غزة المقاوم هو حالة نضال طبيعية لأي إنسان اختار الصراخ بدل أن يختنق..
قد يختلف البعض في التوصيف أو في الحسابات السياسية، لكن الحقيقة أن غزة لم تكن تبحث عن حرب، بل كانت تقاتل بأظافرها للبحث عن كيانها والبحث عن حياة لأهلها.. ما جرى كان نداءً من شعبٍ أنهكه الحروب والحصار والصمت..
ستبقى دماء الشهداء عنوانًا لمرحلة جديدة، تذكّر الجميع أن الفلسطيني لم يكن يطالب بالمستحيل؟ بل كان يطالب بحقه في أن يعيش بكرامة على أرضه مثله مثل بقية شعوب أهل الأرض.
حسن السميري
