أكد الأمين العام لحزب الله، حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له أن «إسرائيل» تعمل على تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» بدعم كامل من الولايات المتحدة، معتبراً أن كل الخطوات التي تُرى تُعدُّ جزءًا من هذا المشروع، وأن أي ما يُوصف بتراجع هو تراجع تكتيكي مرتبط بظروف موقتة بانتظار ظروف أفضل.
وأوضح الشيخ قاسم خلال الاحتفال الذي نظمه حزب الله في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الجهادي سماحة الشيح نبيل قاووق والقائد الجهادي سهيل الحسيني “السيد أحمد”، أن المشهد الذي شهدته غزة على مدار سنتين «جزء لا يتجزأ من هذا المشروع»، مشدداً على أن الأحداث في المنطقة مترابطة ولا يمكن فصل ما يجري في غزة عما يجري في لبنان وسوريا والعراق واليمن والسعودية وقطر وإيران، لأن الهدف واحد واللاعب الأساسي هو «العدو المجرم “إسرائيل”» ويقوده الدعم الأميركي «الطاغوت الأميركي برئاسة ترامب».
ودعا الشيخ قاسم الجميع إلى مواجهة الخطر، مؤكداً أن الجميع مستهدفون في لبنان وفي كل المنطقة، وأن المواجهة مع «إسرائيل» يجب أن تتم من قبل كل جهة «من موقعه وبحسب قدرته وخطته»، مضيفاً أنه حتى من لا يقتنع بأحقية القضية الفلسطينية «على الأقل يكون مقتنعًا أن يبعد الخطر عنه قبل أن يصل إليه».
كما قال إن أي خطوة تُرى على أنها جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى» ينبغي فهمها في إطار هذا المشروع العام، وأن هناك «ترابطاً كاملاً بين ما يحدث في مختلف ساحات الصراع»، مطالباً بتحرك جماعي لمواجهة المخاطر الماثلة حفاظاً على الأمن والاستقرار في المنطقة.
خطة ترامب للسلام في غزة مليئة بالأخطار وتُلبس «إسرائيل» ثوبًا أميركياً
وقال الأمين العام لحزب الله، إن خطة الرئيس الأميركي ترامب المعلنة لحل القضية في غزة والتي وُصفت بـ«خطة سلام» هي في الواقع «خطة مليئة بالأخطار». وأوضح أن الخطة خضعت لتعديلات تُناسب «إسرائيل» بالكامل، فتغيّرت في نقاط عدة بما يؤدي إلى أن تتحول إلى مشروع «إسرائيل» الذي تسعى للحصول عليه سياسياً بعدما عجزت عنه عبر العمل العسكري والاجتياح والإبادة والمجاعة والفظائع المرتكبة في غزة.
بيّن الشيخ قاسم أن جوهر هذه الخطة يقوم على أن تأخذ «إسرائيل» كل شيء: السيطرة الأمنية على الأرض، تجريد الفصائل من السلاح، خروج المقاتلين بالكامل، وأن تكون إدارة القطاع دولية مع عجز للفلسطينيين عن إدارة شؤونهم، بالإضافة إلى استبقاء الأسرى منذ الأيام الأولى، ما يعني، بحسبه، تجريد المقاومة من ورقة من أوراق قوتها.
ورأى أن الخطة التي طرحها ترامب «هي في الواقع خطة تتوافق مع المبادئ الخمسة التي حددتها حكومة إسرائيل لإنهاء الحرب»، واصفاً إياها بأنها «خطة إسرائيلية بلبوس أميركي أو بعرض أميركي».
وأضاف أن توقيت طرح ترامب للخطة يهدف إلى تلميع صورة «إسرائيل» أمام الموجة العالمية التي دانت جرائمها، مشيراً إلى أن العالم بات ينظر إلى «إسرائيل» كمجرمة ومبيدة للشعوب وغير قابلة للتعايش نتيجة ارتكابها أبشع الجرائم. وأكد أن أغلب دول العالم مؤيدة لدولة فلسطينية ومعارضة لسياسة الإبادة، وأن الرأي العام الدولي والشعبي تحرك بشكل واضح للدفاع عن الشعب الفلسطيني.
وأكد الشيخ قاسم في السياق أن المقاومة الفلسطينية من حماس وكل الفصائل هم يناقشون وهم يقررون ما يرونه مناسبا.
وأشار الشيخ قاسم إلى ظاهرة «أسطول الصمود العالمي» الذي يضم نحو خمسين سفينة وشباناً من دول العالم يتجهون إلى غزة لإيقاف المجاعة والإبادة، معتبراً أن هذا الحراك يحمل دلالات مهمة على مستوى الحاضر والمستقبل، ويعكس الانحدار والانحطاط الذي وصلت إليه «إسرائيل».
ووجّه الشيخ قاسم تحية خاصة لاسبانيا «على مواقفها الشجاعة على مستوى الحكم والشعب»، مشيداً بكيفية حملها للقضية مقارنة بدول أخرى، ودعا دول المنطقة، لا سيما الدول العربية المعنية بمتابعة القضية الفلسطينية، إلى الاستفادة من موقف إسبانيا وعدم الضغط على المقاومة لكي لا يستفيد «الإسرائيلي» من ذلك.
ونوّه بأن الاستسلام ليس وارداً لدى الفلسطينيين الذين قدموا الكثير وتعرضوا للإبادة والتجويع والتهجير، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني والمقاومة «لا يمكن أن يستسلما»، وأن «الصمود العظيم للفلسطينيين له وقت لحصد الثمار».
وجدد الشيخ قاسم مطالبته للدول العربية المعنية بعدم الضغط على المقاومة، مشدداً على أهمية دعم صمود الشعب الفلسطيني مع الاستفادة من المواقف الدولية والشعبية الداعمة، حفاظاً على حق الفلسطينيين ومواجهة ما وصفه بالمخططات التي تضع «إسرائيل» في موقع المتحكّم بالأوضاع بعد ثوبٍ أميركيٍّ زائف للسلام.
لبنان في قلب العاصفة و«إسرائيل» لن تحقق أهدافها رغم العدوان الأميركي والدعم العسكري
وشدد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، على أن لبنان «في قلب العاصفة» نتيجة العدوان الإسرائيلي والتغوّل والإجرام الممتد المدعوم أميركياً بكل الإمكانات العسكرية والسياسية والإعلامية والضغط وبكل الأشكال، محذِّراً من خطورة ما يجري ومحذِّراً من أن أهداف «إسرائيل» ليست قدراً لازماً ولا يمكن تحقيقها بالضغط في السياسة وحدها.
وأضاف الشيخ قاسم أن العدو كان يتوقع أن يستطيع تحقيق بعض أهدافه في لبنان بعد الاتفاق ومرور ستين يوماً، لكنّ ذلك لم يتحقق، وأن الضغوط استمرت عبر أميركا والضربات العسكرية اليومية التي تستهدف المدنيين، بما في ذلك قتل المهندسين والعائلات في بنت جبيل وضرب أشكال الحياة كافة على قاعدة الضغط على شعب المقاومة لإضعافه وجعله بلا قوة، ليسهُل عليهم الدخول وتنفيذ خططهم كما يفعلون في سوريا.
وأكّد الشيخ قاسم أن هناك خمسة أمور فاجأت العدو وأفشلت مخططاته في لبنان:
أولاً: كانوا يتوقعون أننا سنبادلهم بالخروقات فيمنحهم ذلك مبرراً للتوحش أكثر، لكنّنا أسقطنا هذه الخطوة بعد أن اتخذنا قراراً بأن الدولة هي المسؤولة وأن علينا الصبر.
ثانياً: تدخلوا عبر الوساطة الأميركية لبناء دولة على أساس أن الحزب ضعيف، وأنه مشغول بظروفه المعيشية فيستطيعون إقصاؤه وركوب الدولة، لكنّهم فوجئوا بمشاركتنا الفاعلة في الدولة وكوننا جزءاً لا يتجزأ من تركيبتها، لنا نشاط مهم ونساهم في البناء والنهضة.
ثالثاً: حاولوا التدخل في تركيبة الدولة تفصيلياً لتحصيل مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها بالحرب، إلا أن المعادلة الداخلية لم تسمح لهم بذلك، لأننا نمثل شعبنا بالكامل؛ الحزب وحركة أمل يمثلان شعبهما بالكامل بمقعد 27 من 27 في المجلس النيابي.
رابعاً: رغبوا بفتنة مع الجيش اللبناني لتجعله يقاتل المقاومة وشعبها تحت شعار حصرية السلاح، لكنّ الجيش تصرّف بحكمة، وكان هناك عقل يروم بناء الدولة، وأوضح الجيش والمقاومة أن الفتنة «ملعونة» ويجب ألا تكون مطلقاً، وكل شيء لديه قابلية على التفاهم والتعاون.
خامساً: مع أننا لا نملك تكافؤاً عسكرياً مع «إسرائيل» التي تتفوق عسكرياً، إلا أننا نتفوق بالإيمان بالوطن والاستعداد للتضحية والجهاد والثبات على إرادة المقاومة، ولدينا شعب تاريخي عظيم لا يمكن أن يهزم، وبذلك استطعنا إيجاد حالة من التكافؤ تمنع العدو من تحقيق مشاريعه.
كما اكد الشيخ قاسم بالتأكيد على أن «إسرائيل» وأميركا وأذنابهم لن يستطيعوا التقدم إلى الأمام لأن لدى لبنان شعباً قوياً مؤمناً بالإرادة، وأن طريق الاستسلام يؤدي إلى الإبادة السياسية والاجتماعية والبشرية، مؤكداً ضرورة الصمود ومواجهة الغطرسة والمشاريع التوسعية للعدو.
الحكومة مقصرة في ملف السيادة ولا يجوز أن يكون قانون الانتخابات على مقاس معين
وأكد الشيخ نعيم قاسم على أن على الحكومة أن تُعنى بالقضايا المركزية المتمثلة باستعادة السيادة، مؤكِّداً أن “الطائف” ليس وجهة نظر بل اتفاق، وليس مطيةً لموازين القوى. وأضاف أن المواطنة الأصيلة هي التي تحرر لبنان وتحميه، وأن المواطن اللبناني الشريف والعزيز هو الذي يعمل مع شركائه في الوطن لحماية البلد.
وتساءل قاسم عن إجراءات الحكومة في ملف استعادة السيادة، مشدِّداً على أن رأس استعادة السيادة هو طرد “إسرائيل” من لبنان وإيقاف العدوان. ودعا إلى ضرورة التواصل مع الدول الكبرى وممارسة الضغوط، والتحرك أكثر وتقديم مطالبات إلى مجلس الأمن، وعدم ترك أي مجال إلا وأن تُطرح فيه قضية السيادة.
وقال إن استعادة السيادة ضرورية لأنها رأس استعادة الاستقرار وبناء البلد، واعتبر أن الحكومة مقصرة في متابعة هذا الملف. واستنكر عدم إدراج الموضوع الإسرائيلي في كل جلسة حكومية، تحت شعار أن من الممكن في كل اجتماع حكومي أن يُدرج الملف الإسرائيلي على جدول الأعمال، وأن تُنتقد السياسات المتعلقة به وتُرفع المقترحات المناسبة.
وأضاف قاسم أن الأهم في موقع أعضاء الحكومة هو أنهم مسؤولون عن هذا الشعب وعن حماية البلد، وأن القضايا الصغيرة قابلة للعلاج والتفاهم، لكن الأهم هو أن يتضافر الجميع لمواجهة “إسرائيل” من أجل استعادة السيادة، خاصة وأن ذلك وارد في اتفاق الطائف.
وطالب بإعادة الإعمار كما ورد في البيان الوزاري، مؤكداً أنه التزام مسؤول وحكيم يجب أن تُوضَع له برامج عملية. وحذّر من أن من دون إعمار يصعب أن تنطلق عجلة البلد نحو النهوض والاستقرار، مشيراً إلى أن إعادة الإعمار تصب في مصلحة المواطنين والبلد، ويمكن أن تُحدث ثورة اقتصادية كبيرة وحركة اجتماعية تُخفّف من الفقر، مفيداً أن ذلك موقف سياسي يعبر عن تضافر الجهود في مواجهة العدو.
وأشار إلى أن على الحكومة أن تضع إعادة الإعمار في رأس أولوياتها وأن تدرج لها بنداً عملياً في الموازنة. وأكد أيضاً أنه لا يجوز أن يكون قانون الانتخابات على مقاس معين، وأنه طالما أن قانون الانتخاب موجود فليتم تطبيقه، مشدِّداً على الموقف المؤيد للتمثيل العادل، ورفض أي محاولات لفرض تمثيل وفق ضغوط الوصاية لأنه مخالف للمواطنة الصحيحة.
المصدر: موقع المنار