في لقاء مع وفد أوروبي بذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق مروان عبد العال في معرض حديثه للوفد بأن المجزرة مستمرة طالما أيديولوجيا القتل حيّة ومرتكب المجزرة طليقاً.

وذلك ضمن برنامجها السنوي والتي تحي فيه اللجنة الدولية “كي لا ننسى صبرا وشاتيلا” حملة تضامنية من عدة دول أوروبية، حيث جرى عقد لقاء تضامني ثقافي أقيم في مكتبة مركز اكاديمية دار الثقافة في بيروت، في 18 أيلول 2025 وذلك احياءً للذكرى الثالثة والأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا.

في بداية اللقاء، رحّب الرفيق مروان عبد العال بالوفد الزائر، وقدم للوفد رؤية فلسطينية حول طبيعة العلاقات اللبنانية الفلسطينية وانعكاسات المرحلة على الوجود الفلسطيني في لبنان.

حيث قال فيها: “أيها الأصدقاء، أيها الرفاق، أهلا بعودتكم كل عام، أن نجدكم بيننا في ذكرى مجزرة مستمرة طالما القاتل طليقاً وحياً، كما سبق ووصفناها دائما، وتذكرناها اكثر على مدار العام المنصرم، الذي مر ثقيلاً على الشعب الفلسطيني وعلى شعبنا في غزة خصوصاً، كما على الفلسطينيين في لبنان، على المخيمات، وعلى كل إنسان ومناضل يسعى للحرية والعدالة.

وتابع “فقد حمل معه أوجاع الحرب الوحشية، وتحدياتها السياسية على الشعب الفلسطيني، وجراح فلسطينية ولبنانية مشتركة من العدوان، لكنه لم يكن عاماً للهزيمة، بل للتجربة والصمود والتحدي.

وأضاف عبد العال “كما ذكرتم في كلمتكم في المهرجان هذا الصباح، إننا على مشارف الذكرى السنوية الثانية على ملحمة السابع من أكتوبر الذي لم يكن بنظركم كما بنظرنا، بداية التاريخ ولا بداية الصراع، المستمر منذ أكثر من ١٠٧ أعوام.

بل كانت لحظة انفجار تاريخية كاشفة، جاءت بعد عقود من الحصار والاختناق السياسي.

متابعا ” وبالرغم من قسوة الواقع، تظل المخيمات الفلسطينية منابراً للوعي السياسي والثقافي، حيث يتجلّى النضال اليومي كمقاومة حيّة، مرتبطة بالوعي الجماعي وبالحقوق الوطنية، وتوضح علاقاتنا اللبنانية–الفلسطينية أن النضال المشترك ليس مجرد حتمية إنسانية، بل خيار استراتيجي يحمي الكيان اللبناني والهوية الفلسطينية معاً”.

نتذكر اليوم، كما كل عام، مجزرة صبرا وشاتيلا، وما تركته من ندوب في وجدان شعبنا، العدالة والمحاسبة لم تتحقق بعد، والذاكرة الجماعية تبقى الضمانة الأولى لعدم السماح للنسيان أن يمرّ دون مساءلة، فزيارة الوفد التضامني اليوم ليست مجرد حضور، بل رسالة دعم ومعنى: أن قضية اللاجئين الفلسطينيين والعدالة لم تُترك للزمن، وأن التضامن الأممي لا يزال متجذراً في القلب والوعي.

ثلاثية اللجوء الفلسطيني الوجود الذي يزداد تأزماً وقلقاً، نظراً لعدة مستويات :

 1. المستوى المحلي – الدولة اللبنانية: تبعث بمزيد من القلق، سياسات شكلية واستشارية غالباً ما تكون أسيرة ظرفية أو جزئية ومن المدخل الأمني، وتغيب الرؤية الوطنية ومعاندة الواجبات الموضوعية لتحسين حياة اللاجئين.

 2. المستوى الدولي – الأونروا: الأونروا، التي فقدت التمويل الأميركي وتعرضت للحظر الإسرائيلي، تحولت إلى “منظمة مثيرة للجدل” و تحت ضغط استراتيجي أدى إلى تآكل خياراتها الأساسية إلى : 

– نقل الخدمات إلى الحكومات المضيفة بعد تقليصها.

– إعادة التفويض لها، الذي كان يتيح إعادة التوطين كهدف رئيسي، وليست خدمات وتشغيل، بعد أن أُزيل هذا البند في أواخر الخمسينيات تحت ضغوط سياسية من بعض الدول العربية.

– إيجاد بديل عملي للأونروا، هذا ما تفضله أمريكا تقوم بتوظيف دعم وكالات الأمم المتحدة الأخرى لإيجاد بديل عملي للأونروا، ما يبرز بوضوح سعي القوى الكبرى إلى تسييس المعاناة الفلسطينية وتحجيم البعد السياسي للقضية وتصفية قضية اللاجئيين، ما يزيد شعور اللاجئين بالقلق الاجتماعي وبالاغتراب السياسي.

 3. المستوى الفلسطيني – منظمة التحرير: تراجع واضح عن المسؤولية تجاه الشتات، المخيم في الشتات، وخاصة في لبنان، لم يكن مجرد ملجأ للاجئين، بل هو رئة الثورة الفلسطينية وذاكرة النكبة ومشارك في صناعة القرار الوطني، حيث شكل المخيم نقطة توازن بين الهوية (رمز العودة) والسياسة (حاضنة منظمة التحرير)، والذاكرة الوطنية ، الحلم والواقع ، ولذلك بقي هدفاً دائماً لكل محاولات التهميش أو التشويه والتدمير وعبر وسائل عدة اجتماعية او اقتصادية وعنفية ..الخ.

وازداد الخطر مع اختزال المشروع الوطني إلى إطار شكلي، والتركيز على الأمن والسلاح دون مقاربة سياسية شاملة، مما أوقع اللاجئين في يُتم سياسي، فغياب سياسة وطنية عملية واستراتيجية، تركت موضوع اللجوء مجرد ورقة تكتيكية. ‬

من المُلح والضروري صياغة سياسة وطنية عملية واستراتيجية، ترتبط بالكرامة والعدالة وحماية الوجود الفلسطيني واستمراره بالنضال ضد التهجير والتوطين ومن أجل حق العودة بعيداً عن السطحية والتهويل.

فالفلسطينيون مكبلون بالسياسات المغلقة، والمطلوب تحرير اللاجئين من سياسات الدولة التمييزية، وتبني سياسة حماية مشتركة للوجود الفلسطيني في لبنان.

ومطلوب أيضاً توازن حقيقي بين الحالة الإنسانية والسياسية للاجىء الفاعل والإيجابي، عبر تحرير الطاقات النضالية من الإقصاء والاختلافات والشرذمة، واستعادة دور المؤسسة الوطنية الفلسطينية الجامعة في القرار الوطني والتمثيل في المجلس الوطني.

 بالإضافة إلى صياغة سياسية فلسطينية خاصة في لبنان، تهدف لبناء مجتمع متضامن ومتكاتف، مع تطوير اللجان الشعبية الموحدة لمتابعة الاحتياجات اليومية وتعزيز الصمود الشعبي.

فالأمن الشامل يُبنَى على السياسة، والسلاح أداة لتحقيق الغايات لا غاية في حد ذاته، السياسة هي التي ترسم الأهداف وتحدد الأولويات الوطنية، والأمن الحقيقي لا يقوم على الخضوع للضغوط، بل ينبع من منطق السيادة والعدالة، ومن معادلة القانون القائمة على الحقوق والواجبات، وصيانة السلم الأهلي، مع تأكيد حق الشعب المطلق في النضال من أجل حقوقه الوطنية والمشروعة..

أيها الأصدقاء، إن نضالنا الفلسطيني–اللبناني ليس قضية محلية فحسب، بل نموذج عالمي للعدالة والتحرر وانتم همزة وصل في سلسلة قوية من التحدي والمعاندة والمقاومة. 

الوعي السبق لإحياء ذكرى المجزرة كان تحذيراً صارخاً أن المجزرة تستمر إذا استمرّت أيديولوجيا المجزرة ثم تتحول إلى إبادة، فكانت اللجنة بمؤسسيها وقيادتها ومن استمروا بعد ذلك وثابروا منذ البداية، لهم الفضل أن تكون هذه الشرارة الأولى التي اندلع منها لهيب التضامن الأممي لشعوب العالم الحرة ضد الإبادة.

وجودكم في مخيماتنا هو اعتراف حي بدوركم في انتصار للسردية الفلسطينية، وبداية فعلية لكتابة تاريخ فلسطين الحقيقي.