بوغوتا، آب ٢٠٢٥

أصدقائي في أسطول الصّمود العالمي،

من كولومبيا، هذه الأرض المجبولة بالمقاومة والرّجاء، أبعث إليكم عناقًا دافئًا محمّلاً بروح التضامن، إلى كل القادمين من أصقاع العالم، المتهيّئين للإبحار نحو غزّة في الأيام المقبلة.

لقد قرأت بعناية رسالتكم التي وجهتموها إليّ، وأودّ أن أقول لكم إن كل كلمة فيها تلامس الذاكرة الحيّة لشعوبنا. أنتم شهادة نابضة على إنسانية ما زالت تنهض في وجه البربرية: الكرامة لا تنكسر، حتى حين يحاولون خنقها بالجدران والحصار والصمت.

لقد قلتها من قبل وأكررها اليوم: إذا ماتت فلسطين، ماتت معها الإنسانية بأسرها. لذلك، فإنّ كل فعلٍ يناهض الإبادة، وكلّ صوت يتحدى اللامبالاة، إنّما هو فعل حياة. وما تقومون به ليس مجرد رحلة بحرية، بل هو صرخة أخلاقية، برهان على أن التضامن قادر على اجتياز البحار حين تُغلق الحدود.

أعلم أنّ الأمر ليس سهلاً. أعلم أنّ قراركم الصعود إلى هذا الأسطول لم يولد من نزوة رومانسية ولا من مغامرة عابرة، بل من قناعة عميقة. نحن في كولومبيا ندرك ثِقل الألم وكلفة الحرب. نعرف ما معنى أن نرثي أحبةً خُطفوا، وأن نسير في دروب الجوع، وأن ندفن الأمل. وربما لهذا السبب نفهم أن الصمت أمام جريمة الإبادة ليس إلا شكلاً آخر من أشكال التواطؤ.

لقد اخترتم الطريق الأصعب والأخطر: طريق الفعل في مواجهة العنف الوحشي. وأقول لكم: أنتم لستم وحدكم. من هنا، وباسم شعبٍ ذاق بدوره مرارة الحرب، نرسل إليكم القوة والكلمة والحياة.

فلتحمل الريح سفنكم باندفاع التاريخ، ولْيَفتح البحر لكم ذراعيه، ولْيسمع العالم رسالتكم: غزّة ليست وحدها. فلسطين ليست وحدها. والإنسانية لم يعد يليق بها الصّمت.

وحين تبلغون مياه غزّة، ستشعرون أنّ أصوات الملايين ترافقكم، مؤمنة بأنّ السلام ليس حلمًا بعيدًا، بل واجبًا إنسانيًا لا يُؤجَّل.

عودوا سالمين، من فضلكم.

بأخوةٍ وتضامنٍ صادق،

غوستاڤو پيترو
رئيس جمهورية كولومبيا
‏#GustavoPetro

عن صفحة الرفيقة “لينا الحسيني”