بين باكستان ومبادرات إردوغان هل ينخرط ترمب؟, كيف يُصنع النصر؟
كتب الدكتور ميخائيل عوض:
١
باكستان الدولة الإسلامية المحاربة والتي لقنت بالأمس الهند درساً قاسياً عندما تحرشت بها بأوامر لوبي العولمة، وأكدَّت بالاشتباك المسلح قوتها وتفوقها، وتفوق السلاح الصيني المصنوع في باكستان والدولة النووية ذات التعداد السكاني الـ٢٥٠ مليون والمساحة التي تزيد عن ٨٠٠ ألف كلم والتي تتشارك مع إيران بحدود تجاوز الـ ٩٠٠ كيلو متر، تحسست من الهمجية الإسرائيلية الانجلو سكسونية وأدركت أنها على جدول التصفية والتدمير بحسب إعلانات نتنياهو عن مشروعه الشرق أوسطي بصفته رأس وقاعدة لوبي العولمة المهزوم في أمريكا، والساعي للتعويض في العرب وآسيا الإقليم الأكثر أهمية في تقرير مستقبل العالم وأمريكا ومن يحكمها.
٢
إعلان باكستان نصرة إيران والقتال معها وتهديدها بالنووي إن تعرضت إيران للنووي أمر بالغ الأهمية، وحاكم في تقرير مستقبل الحرب ومستقبل الإقليم وحدث نوعي كشف عن حجم التحولات النوعية الجارية في آسيا، ومن شأنه أن يضع باكستان القوة الإقليمية الجاري تجاهلها على خريطة القوى الفاعلة هجومياً في الإقليم وتالياً في تغيير موازين القوة.
باكستان تحررت من السيطرة الأمريكية السابقة وأصبحت حليفاً موثوقاً للصين، بعد أن اختبرت وتعلمت من دروس الولاء لأمريكا والأطلسي الفاجر، بل ومقاتل مع حلفائها ودفاعاً عن مصالح باكستان ومصالح حلفائها، وإعلانها الهجومي يؤشر إلى قرار صيني لا لبس فيه بالانخراط بالحرب اسناداً لإيران بالواسطة تمهيداً للمباشر اذا تطورت الحرب ودخلتها أمريكا والأطلسي. وفي هذا تحول هام ودلالة على أن الصين تؤكد طلاقها مع حقبة الكمون والدفاعية والانغلاقية، فمكانتها ومستقبلها أيضاً يتقرر في نتائج الحرب على إيران.
باكستان قادرة على تعديل موازين القوة من خلال اسنادها وتعويضها ما خسرته إيران من دفاع جوي، واذا احتاجت صواريخ فباكستان من أهم صانعي الصواريخ الفعالة، كما قادرة على الاسناد في العتاد والذخائر والخبراء والرجال، والأهم أطقم سلاح الدفاع الجوي المتطور والفتاك إذا احتاجت إيران.
٣
إردوغان بادر واتصل ببوتين وعرض دور الوسيط للتفاوض، وبهذا أكدَّ أنه أداة لوبي العولمة ووظيفته الضغط وإقناع إيران بالاستسلام، في دور يكمل خطط واعتداء رفيقة وصديق نتنياهو فكلاهما يأتمران من ذات الجهة ويعملان بإملاءاتها. بينما أبسط قواعد الوفاء لإيران التي أمنَّته وحالفته وحفظته وأسندته في انتخابات رئاسية مرتين، وكان لها الفضل في بقائه في السلطة عند انقلاب ٢٠١٦ تستحق منه موقفاً كمثل باكستان، بل قبلها وأكثر حماسة لإسناد ايران.
الحقيقة أنه هو إردوغان المناور والمخاتل والراقص على الحبال وغير الملتزم بأي من تعهداته، وغير الوفي لمن أسنده، يتشاطر على الجميع ويأتمر بأوامر ويعمل كنتنياهو عبداً مأموراً من لوبي العولمة ولا يخالف.
تركيا أحق بإسناد إيران لكل الأسباب إلا أنه إردوغان المخاتل والتاجر في السياسية، والأمثلة لاتُعد كيف تعامل مع أستانا والتعهدات أمام بوتين وكيف غدر بروسيا وإيران مرات في سورية وليبيا وأوكرانيا ومرات، فمن شبَّ على شيء شاب عليه.
٣
تكاثرت الأنباء والتسريبات والتوقعات وترجيح انخراط ترمب بالحرب وتوريط أمريكا وإعادة تشغيلها في حقبته، تحت إمرة نتنياهو الأكثر فاعلية في تنفيذ مشروعات ومخططات لوبي العولمة، والمتمرد بل من ينكل بترمب ذاته ويسعى لإسقاطه، بل ومتهم بالتحريض على اغتياله.
هل يفعلها ترمب ويخالف شعاراته، ويصطدم مع قاعدته الشعبية وأمريكا تتحفز للانتفاض في وجهه؟؟
ربما، فزمن الحرب هو زمن البجعات السوداء وغير المسبوقات ولا المتوقع.
بافتراض أنه سيفعلها فلن يكون لشراكته أثر نوعي، فبحريته وطائراته جُرِّبت في اليمن وفشلت وأقرَّ بالهزيمة، وإسرائيل استخدمت كل ما لدى أمريكا من سلاح طائرات وصواريخ وقذائف ولن تضيف الطائرات والحاملات والصواريخ الأمريكية كثيراً. بل ستكون أهداف أسهل من إسرائيل ومقراتها الأمنية والعسكرية التي تضرب بدقة وتدمر ولن تحقق إخلالا نوعياً، بل ستجلب المخاطر والأزمات الكارثية على أمريكا ونفوذها ومكانتها وعلى مشروعاته وعلى مستقبل أمريكا.
الحرب تقرر نتائجها نهاياتها ومن يحقق أهدافه لا الهوبرات الإعلامية والعراضات وترمب أستاذ فيها،
وسيقرر نتائج الحرب ميزان قوى وبيئة استراتيجية كلها في غير صالح إسرائيل وحلفائها وأدواتها.
الأمر مرتبط بقدرات إيران وقرارها وصلابتها ليس إلا.
فإن حزمت أمرها وقررت وقاتلت هجومياً سيعني انقلاب الصورة والزمن، أما إذا ترددت وتلكأت وكانت بنيتها مأزومة ومخترقة حتى العظم فقد لا تنتصر. وقطعاً إسرائيل لن تنتصر في الحروب الجارية ولن تتحقق أوهام نتنياهو.
بانتظار البجعات السوداء ومن سيرث ويملئ الفراغات.