كيف يكتب نتنياهو نهاية “إسرائيل”؟ يندفع رئيس وزراء العدو في سلوكه السياسي والعسكري نحو نمط توسعي يُحاكي سلوك الإمبراطوريات الكلاسيكية في لحظات ذروتها، كما فعل نابليون قبل أن ينهار تحت ثقل انتصاراته. تسعى إسرائيل اليوم بقيادته، إلى فرض حضورها العسكري عبر أكثر من جبهة: من غزة المحاصَرة، إلى جنوب لبنان، إلى العمق السوري، وصولًا إلى الاشتباك المباشر مع إيران. هذه المقاربة تهدف لاستعادة صورة إسرائيل كقوة قادرة على المبادرة والغزو خارج حدودها.
لكن هذا التصعيد (مهما بدا فاعلًا على المدى القصير) ينذر بكارثة استراتيجية على المدى البعيد، وهي ما يُعرف في الأدبيات الجيوسياسية بـ فرط التمدد الإمبراطوري Imperial Overextension- وهو مصطلح يشير إلى اللحظة التي تتجاوز فيها دولةٌ قدراتها الواقعية، وتبدأ بالانخراط في صراعات وأقاليم أكثر مما تستطيع التحكم به عسكريًا، أمنيًا، سياسيًا، واقتصاديًا. النتيجة التاريخية لهذا النمط واحدة: إنهاك متراكم وتآكل من الداخل.
حتى دون نية الاحتلال المباشر، فإن إدارة إسرائيل لواقع أمني مشتبك ومتعدد الطبقات، واستنزافها المستمر في بيئات معادية، يجعلها عرضة لانفجار استراتيجي محتم. لم تسقط الإمبراطوريات حين غزت، بل حين عجزت عن إدارة ما غزَته.
سلوك نتنياهو لا يعكس ثقة، بل ذعرًا مقنّعًا بلغة القوة. والمشكلة لم تعد في قدرة إسرائيل على فتح الجبهات، بل في عجزها عن تحمل تبعاتها. والتاريخ يُلمّح: ما يُفتح بالقوة، يُقفل بالمقاومة التي تتشكل الآن على أنقاض كل جبهة تفتحها “إسرائيل”.
مُنى حوّا