هدهدُ لبنان وصقرُ صنعاء… نحوَ حيفا وفاءً لغزّة، والحصارُ بالحصار
عدنان عبدالله الجنيد.
لم يكن تحليق “هدهدِ لبنان” في سماء الاحتلال حدثاً عابراً، بل كان بمثابة رسالةٍ قوميةٍ صارخةٍ تجاوزت ضجيجَ الدبلوماسية، ونفذت إلى عمق المعادلة الإقليمية الجديدة التي تصوغها قوى المقاومة على إيقاع النار والردع. فالهدهد الذي فضح عورة السيادة المزعومة، إنما هو طليعةٌ في المسار نفسه الذي اخترقه صقرُ صنعاء من قبل، حين أرّق مضاجع تل أبيب، وفرضَ معادلةَ الطوفان الشامل الذي لا يعترف بجغرافيا الاحتلال ولا بأساطير التفوق.
إنّ الحديث عن ميناء حيفا لم يعد مجرّد تحليل جيوسياسي، بل أضحى محورًا في معادلة استراتيجية تُرسم الآن، بالقوة والإرادة. فهذا الميناء الذي يتنفسُ عبره كيان العدو شريانًا اقتصاديًا لا غنى له عنه، يشكّل نقطة اختناق حيوية، يكفي التلويحُ بها لتزلزل البورصة، وترتجفُ الموانئ، وتُعاد الحسابات في تل أبيب والعواصم الغربية.
ليس غريبًا على شعبٍ أغلق ميناء إيلات، وجعل مطار “بن غوريون” رهينةً لمسيرات الردع، أن يُلوّح بحصار حيفا، ويضعها على قائمة الاستهداف المُقبل. إنه الرد الطبيعي على الحصار المفروض على غزّة، وعلى تجويع الأطفال وقصف الملاجئ والمستشفيات. لقد ولّى زمنُ المعابر الآمنة للعدو، وبدأت مرحلة الحصار بالحِصار، والميناء بالميناء.
والرسالة أبعد من مجرد تلويح: إن استهداف ميناء حيفا، ولو بمُسيّرة يمنية، تليه ضربة صاروخية، سيُكبّد الكيان خسائر لا تقف عند تعطيل الملاحة أو توقف الصادرات والواردات؛ بل سيضرب في الصميم منظومة الاقتصاد الإسرائيلي، ويُحدث شللاً في سلاسل التوريد، ويزعزع صورة الردع التي تهاوت تحت صواريخ غزّة وطائرات لبنان واليمن.
هكذا تتقاطع المسارات بين الهدهد والصقر… بين جناحين مقاومين يلتقيان فوق حيفا وفاءً لغزّة، ويكتبان بيان السيادة الجديدة… لا بالقمم ولا بالمفاوضات، بل بإرادة الشعوب التي قررت أن لا تكون غزة وحدها، وأن لا يبقى العدو آمناً في موانئه بينما الأطفال يُحاصرون ويموتون جوعًا في القطاع.
إنه زمن الشعوب حين تستعيد القرار، وتكسر القيد، وترتّب خرائط الرد على طريقتها… من البحر إلى الجبل، من لبنان إلى اليمن، من الهدهد إلى الصقر… والمستقبل للمقاومة.