وداعاً للعقل المُدبر.. البروفيسور العربي الفلسطيني ابن حارة الجامع الاحمر في مدينة صفد، المرجع الذي فنّد دور الصهيونية الاقتصادية في الصراع، وقرأنا مؤلفاته مادة تثقيفية طوعية، بحثنا عنها في مؤسسات البحث والمكتبات من بيروت الى دمشق، واسهمت في بناء وعينا الثوري، وهكذا تنتهي القصص وهكذا تبدأ ، الكتاب الذي اضاء فيه على الجوانب التي لا نعرفها عن غسان كنفاني وباسل الكبيسي، ومقدمة مجلد اعمال غسان السياسية وفكرته عن “عاطفة المقاومة” ، ثم زمن رفيقه اللزم الحكيم منذ بدايات التأسيس، وهو صديقه الروحي والفكري والتاريخي، ما بينهم جولات حوار نقدي ونقاش مستمر ، ونحن جيل عرفناه لكثرة ما تردد اسمه على مسامعنا من الحكيم: قال فضل وكتب فضل .. وكم كان قلم فضل النقيب مؤثراً ومنصفاً للحكيم عندما كتب مرثية اسماها (في زمن الحكيم) قال ” .. كان صوت الحكيم صافياً مجانساً لموجات الاصوات الحقيقية التي تسمعها عندما تبرق العاصفة في جبل الجرمق فتضيء في سطور غسان كنفاني، وتلمع في أبيات محمود درويش،وتتلألأ في لوحات اسماعيل شموط، وتتفجر في خطوط ناجي العلي. ذلك الصوت الذي هو الصدى المدوي لصوت لا يكاد يسمع في هذا العالم هو صوت يتامى وأرامل وثكالى مخيمات جنين وجباليا وبلاطة والامعري وصبرا وشاتيلا وقرية قانا، الخ.
لقد تمكن الحكيم من الاحتفاظ بذلك الصوت طوال ستة عقود لانه كان يتمتع بصفة نادرة لا يتمتع بها الا الشعراء العظام، هي القدرة على سماع أصوات الصمت.”
هل كان يرثي الحكيم ؟ عندما ختم بقوله “..جورج حبش انه اعظم الشعراء على الاطلاق، فقد سرق ضمير الشعب الفلسطيني طوال النصف الثاني من القرن العشرين.”
طوبى لروح العظماء الذين لا يموتون

بقلم الرفيق مروان عبد العال-عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الناشر:الهدف الإخبارية

بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:
نعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضل البروفيسور فضل مصطفى النقيب، ابن مدينة صفد المهجّرة، والمثقف الكبير وأحد أعلام الفكر الاقتصادي المقاوم، وأستاذ الاقتصاد في جامعة واترلو الكندية، والذي تَرجّل بعد مسيرة حافلة بالالتزام الوطني والفكري والمبدئي.
وقالت الجبهة في بيان نعي إنّ المناضل الراحل كان رفيقاً صادقاً لمسيرة الجبهة الشعبية ولقائدها المؤسس الحكيم د.جورج حبش ، حيث جمعتهما علاقة نضالية وفكرية منذ بدايات حركة القوميين العرب، وكان شاهداً ومؤرخاً ومساهماً في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، ومدافعاً شرساً عن حق شعبه في الحرية والعودة وتقرير المصير.
لقد كان المناضل الراحل رفيقاً صادقاً لمسيرة الجبهة الشعبية ولقائدها المؤسس الحكيم د.جورج حبش، حيث جمعتهما علاقة نضالية وفكرية منذ بدايات حركة القوميين العرب، وكان شاهداً ومؤرخاً ومساهماً في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، ومدافعاً شرساً عن حق شعبه في الحرية والعودة وتقرير المصير.
تميّز البروفيسور النقيب بفكره النقدي العميق، وبجرأته في التصدي للمشاريع الاقتصادية المشبوهة التي هدفت إلى ربط الاقتصاد الفلسطيني بالمنظومة الصهيونية، وعلى رأسها اتفاقية أوسلو وبروتوكول باريس، حيث قدّم تحليلاً نقدياً علمياً كشف فيه كيف تم استخدام هذه الاتفاقيات كأداةٍ لتكريس التبعية وإدامة السيطرة الصهيونية على مقدرات شعبنا.
وأغنى الفقيد المكتبة العربية بعدد من المؤلفات الفكرية والاقتصادية الرصينة، منها: “الاقتصاد الإسرائيلي في إطار المشروع الصهيوني” (1995)،”الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع: مشكلة المرحلة الانتقالية وسياسات المستقبل” (1997)، إلى جانب دراسات حول التنمية والتحرر الاقتصادي العربي، والتي شكّلت ركيزة للفكر الاقتصادي المقاوم، وكان من خلالها ينطلق دوماً من رؤية قومية وحدوية تُعلي شأن العدالة والتحرر والانعتاق من هيمنة المركز الرأسمالي والصهيوني.
عرف الراحل بمواقفه الثابتة تجاه القضايا القومية والإنسانية، وكان صديقاً وناقداً وناصحاً لأبناء الجبهة ورفاقها، وحافظ على علاقة وفية مع رموزها، ومع رموز النضال الفلسطيني من أمثال غسان كنفاني وباسل الكبيسي وغيرهم من شهداء الفكر والموقف.
وإذ تنعى الجبهة هذا المفكر المناضل، فإنها تؤكد أن خسارته لا تعني غياب فكره، بل تحمّل الأجيال القادمة مسؤولية حمل رسالته والاستفادة من تراثه الغني في سبيل بناء اقتصاد وطني مقاوم.