صدر عن الحزب السوري القومي الاجتماعي:

بعد سقوط النظام السابق في الشام، آلينا على نفسنا الانتظار ريثما تنقشع شمس التغيير، آملين أن ينتج عن ثورة ادعت الحرّيّة ورفع المظلوميّة ونصرة المظلوم، دولةً طالما حلم أبناؤها أن تتكوّن وفق مفاهيم الحقّ والعدل والقانون، فأتت النتيجة مغايرة لكلّ ما طمح إليه أبناء شعبنا من السوريّين الأحرار بإعلان حلّ الجيش والقوّات المسلّحة العماد الأوّل للدولة القويّة، ومن ثمّ حلّ الدستور وكذلك حلّ الأحزاب الوطنيّة، ما يعني أنّ أسّس إعادة بناء الدولة الوطنيّة أصبحت بخطر حقيقي، وما جرى ليس إلّا مؤشرًا نحو مزيد من الانهيار والتفكّك غير مقبولين.
ويرى الحزب أنّ هذه القرارات، لا تنمّ بتاتًا عن نيّة للبناء، لا سيّما في ظلّ الحاجة الكبيرة لمؤسّسات الدولة بكافّة جوانبها المدنيّة والعسكريّة والاجتماعيّة والتربويّة والاستشفائيّة والصناعيّة والغذائيّة، وغيرها من الأساسيّات التي تؤمّن الحياة الكريمة واللائقة للمواطن، فتعيد للدولة هيبتها وللفرد احترامه وللأرض أمنها وحمايتها.
إنّ الطريقة التي جرى فيها تنصيب السيّد أحمد الشرع رئيسًا للجمهورية تتنافى مع معايير دولة المؤسّسات والقوانين والتشريعات، بمشهد مطابق لأحاديّة الحزب الحاكم التي يتمّ الحديث عن مناهضتها ومحاربتها وهو ما يحبط ويحطّم نفوس السوريّين وآمالهم بالانتقال نحو الدولة المدنيّة العادلة.
كما يطالب الحزب السلطة باتخاذ موقف واضح وسريع من مشروع التوسّع الصهيوني العسكري داخل الأراضي السوريّة انطلاقًا من أراضينا المحتلّة في الجولان السوري.
ويحذّر الحزب من خطورة ما يحصل من انعدام للأمن وتفلّت كبير من المسلّحين متعدّدي الولاءات واستباحة أمن الشعب وأساليب القتل العشوائيّة بحجّة الانتماء للنظام الساقط والهارب، الأمر الذي سيؤدّي حتمًا إلى نقل البلاد نحو مشروع تدميري وتقسيمي يمرّ فوق دماء الأبرياء، ويدخل سورية في صراعات لا تنتهي.
لذلك يطالب الحزب السلطة بالعمل على وقف جميع تلك الانتهاكات وعدم تحميل الشعب السوري تبعات حقبة كاملة من الزمن تحت عناوين ظاهرها محاسبة بعض أركان النظام السابق ومضمونها الاستقواء على فئة المغلوب على أمرهم والفقراء، وتعزّز تلك الأفعال زرع الشقاق بين المناطق السوريّة على أسس مذهبيّة وعرقيّة، وتتطلّب وقتًا طويلًا لمعالجة سورية من آثارها الكارثيّة.
إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي تعرّض لضغوطات كبيرة من النظام الهارب حيث عمل على تقسيمه ومحاصرته ومنعه من ممارسة نشاطه بين قواعده، ولوحق القوميّون ومنعوا وقمعوا ومنهم من زجّ في سجون النظام وعانوا الكثير.
وإذ نؤكد أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي لم ينشأ بقرار ولن يُحلّ بقرار، وإنّ الحركة القوميّة الاجتماعية نهضة شاملة لا تحدّها اعتبارات سياسية آنيّة، وعندما يمارس القومي الاجتماعي دوره في متّحده الاجتماعي، فهو لا يستأذن أحدًا ولن يخضع للضغط والتضييق كما في الديكتاتوريّة، وإذا كان القومي الاجتماعي يحترم القانون، فهو لأنّه يحترم القيم التي يحملها القانون وليس الصيغ التشريعيّة التي يفرضها عامل “الغلبة”.
إنّ القرار بحلّ الأحزاب هو قرار مرفوض جملة وتفصيلًا، وهو يُعتبر انتهاكًا لحقوق الشعب السوري في التنظيم والتعبير عن آرائه السياسيّة والفكريّة، والتي تشكّل أساسًا لبناء مجتمع ديمقراطي حرّ، وهو يخالف التطوّر السياسي والحداثة والتعدّديّة السياسيّة التي انتظرها السوريّون طويلًا.
إنّ الحزب يؤكّد على ضرورة تراجع القيادة الجديدة عن هذا القرار، الذي يُعيق مسيرة التطوّر السياسي والاجتماعي في سورية، ويحثّ الحزب جميع الرفقاء على مواصلة واجباتهم القوميّة بكلّ إصرار وتفانٍ، والمضي قدمًا في النضال من أجل تحقيق نهضة الأمّة السوريّة، والحفاظ على وحدة أراضيها واستقلالها.
ويدعو الحزب جميع القوى الوطنيّة والسياسيّة في سورية إلى التضامن والوقوف صفًّا واحدًا ضد أيّ إجراءات تُعيق تقدّم الوطن والأمّة، والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل ويتوجّه الحزب إلى أبناء شعبنا في سورية ليكونوا على درجة كبيرة من الوعي والمسؤوليّة للحفاظ على ما تبقّى من مقوّمات وقدرات تساهم في إعادة بناء مؤسّسات الدولة ويدعوهم لعدم الانجرار الى منطقَي التشفّي والثأر المدمّرين ويطالب شعبنا في هذا الظرف العصيب أن يغلّب مصلحة سورية على أيّ مصلحة أخرى، وأن يكون على درجة كبيرة من الوعي لتخطّي هذه المرحلة عبر فرض إرادته لتكون المنطلق الأساسي لشكل الحكم المستقبلي الرشيد تحت مظلّة القانون والدستور والمؤسّسات الكافلة لمجتمع موحّد.
ويطالب الحزب السلطة القائمة إعادة النظر بما صدر عنها من قرارات والعمل وفق مصلحة الشعب والدولة السوريّة فقط.