أبرز ما جاء بكلمة الناطق العسكري لكتاب القسام أبو عبيدة:
471 يوما منذ بدء معركة طوفان الأقصى التاريخية التي أشعلت شرارة تحرير فلسطين ودقت المسمار الأخير في نعش هذا الاحتلال الزائل لا محالة بقوة الله
أقامت مقاومتنا في غزة وشعبها الأبي العظيم الحجة على كل العالم وقدمت نموذجا فريدا مذهلا في قدرة أصحاب الأرض والحق على الفعل الكبير المؤثر والصمود العظيم وصناعة التاريخ وقهر المحتلين وإسقاط أوهامهم فقدم شعبنا من أجل حريته ومقدساته وأرضه.
قدمنا قافلة عظيمة من الشهداء في أعظم موكب بين الأرض والسماء على مدار أكثر من 15 شهرا فربح البيع يا شهداءنا الأبرار ويا شعبنا الصابر المرابط، وإن هذه التضحيات والدماء العظيمه لها ما بعدها ولن تذهب سدا ومحال أن تضيع هدرا.
طاب سعيكم أيها المجاهدون والصابرون إذ بذلتم الغالي والنفيس من الأهل والأحباب والأموال والبيوت ومن الجهد والتعب والعناء في ظروف مستحيلة ظاهرة وكنتم بحق ولا نزكي على الله أحدا ممن قال فيهم سبحانه فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين.
تمثلتم سنة نبي الله موسى عليه السلام إذ لما قال الناس إنا لمدركون قلتم كلا إن معي ربي سيهدين.
يا أبناء شعبنا في غزة، يا تاج رؤوسنا، ويا مفخرة الأمة وعنوان كرامتها، أيها الصابرون المحتسبون، يا من نهضتم نهضة المعتصم دفاعًا عن مسرى نبيكم صلى الله عليه وسلم وصنعتم ملحمة تاريخية لم يعهد لها مثيل.
ستسجل هذه الملحمة محطة فارقة وعلامة مضيئة في تاريخ شعبنا وقضيتنا، وكنموذج ملهم لكل أحرار العالم، فقد أذهل صمودكم وثباتكم العالم بأصدقائه وأعدائه، وأعدتم إلى البشرية سير الأنبياء والصحابة والصالحين.
يا أبناء غزة لقد فتحتم في كل بيت لأمتنا وللعالم كتابًا مشاهدًا في العظمة والفداء، في البطولات الأسطورية، يغني هذا الكتاب عن ملايين الكتب، وتصغر أمامه كل النياشين والمفاخر والأمجاد.
سلام عليكم يا أبناء شعبنا بما صبرتم، وسلام عليكم بما ضحيتم، وسلام عليكم بما قدمتم، يا أهلنا الكرام، أبى الله إلا أن يتم نوره علينا، فشرف كل بيت من بيوتنا بالشهداء الأطهار ليكونوا شفعاء لأهلهم، ولتكون تضحياتهم المباركة نورًا لتحرير الأرض والمقدسات.
حق لكل حجر في المسجد الأقصى أن يحمل اسم شهيد أو شهيدة من غزة، وهذه الدماء وهذه التضحيات، يا أبناء شعبنا ومجاهدينا، هي أغلى وأقدس عند الله مما يظنه العباد، وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
يا شعبنا، يا أمتنا، يا كل أحرار العالم، إن معركة طوفان الأقصى بدأت من تخوم غزة، لكنها غيرت وجه المنطقة، بل أبعد من ذلك، وأدخلت معادلات جديدة للصراع مع هذا الكيان المحتل.
الهزة التي تعرض لها الكيان الصهيوني في هذه المعركة أضعفت أسس نظريته الأمنية ووجهت له ضربة كبيرة، وأسقطت نظرية الردع، وتسببت بقتل وإصابة الآلاف من جنوده، وتدمير وإخراج نحو ألفي آلية عسكرية من الخدمة.
أصبنا أسس ما يسمى بأمن العدو القومي، وتم فرض التهجير والنزوح على مناطق واسعة، وفتح جبهات قتال متعددة، في مؤشرات على زواله الحتمي.
الحصار بحرا، واضطرار العدو للتستر والاختباء والاستنجاد بقوى دولية للدفاع عنه، كلها دلائل على ضعفه وانكساره، وهذه الحرب ستظل عنوانًا للعزة والكرامة، وستكون منارة لكل الأحرار.
كل هذا مرورا بفضح الاحتلال وإظهاره ككيان وحشي مجرم، وتشويه وجهه، وفضح من يقف وراءه من طغاة العالم ومنظماته الشكلية، وصولًا إلى نبذه وملاحقة قادته وجنوده كمجرمي حرب مطلوبين للعدالة، وكل ذلك وغيره الكثير جعل شعوب العالم تدرك حجم جريمة هذا الاحتلال.
السواد الأعظم من شعوب العالم بات على قناعة بأن هذا الاحتلال هو أكبر خطيئة في هذا الزمان، وأن استمرار اغتصابه لأرضنا سيؤثر على المنطقة والعالم، وأن صمت وتواطؤ قوى الظلم فيما يسمى بالمجتمع الدولي على جرائمه في غزة ستكون له عواقب وخيمة على الجميع، وليس فقط على غزة.
لقد قاتلنا مع إخواننا في كافة فصائل المقاومة صفًا واحدًا بكل صلابة وإيمان بفضل الله تعالى منذ أكثر من 15 شهرا في كل مكان من قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، واستمر مجاهدونا في توجيه الضربات القاتلة للعدو حتى آخر يوم من القتال في كل بقعة من القطاع.
وقد شاهد العالم كله ما يشبه الأساطير في معارك شمال قطاع غزة في بيت حانون ومخيم جباليا وجباليا البلد وبيت لاهيا وفي رفح حيث قاتل مجاهدونا باستبسال عظيم وبأس شديد حتى آخر اللحظات وكبدوا الاحتلال الخسائر فادحة حتى آخر أيام وساعات المواجهة غير آبهين بطول المعركة ولا الحصار ولا التدمير والعقاب الجماعي الإجرامي.
قدم مقاتلونا نماذج وبطولات فريدة وإننا نقاتل منذ بداية هذه المعركة في ظروف تبدو مستحيلة في الحسابات العسكرية وفي ظل اختلال هائل في موازين القوى وأمام جيش عصابات مجرمة قاتلة لا تعترف بأخلاقيات ولا قوانين للحرب ولا تعبوا بحقوق إنسان ولا مبادئ وقوانين.
كنا أمام مواجهة غير متكافئة لا من حيث القدرات العسكرية ولا من حيث أخلاقيات القتال بينما واجهنا عدونا بالإيمان وبالحق الأصيل في أرضنا مع القليل من السلاح المبارك استعان عدونا المجرم بأقوى قوى العالم المتجبرة الظالمة التي أمدته بجسور جوية من القنابل وفتحت له مخازن الذخيرة.
بينما نوجه ضرباتنا منذ السابع من أكتوبر للجيش الصهيوني إلا أن العدو واجهنا بقتل عوائلنا وأطفالنا وتدمير البيوت والأحياء والمرافق المدنية عشوائيًا وارتكب بكل قبح أساليب جديدة من الوحشية والتنكيل والانتقام من الأبرياء شاهدها كل العالم يومًا بيوم وساعة بساعة.
بينما ابتدعنا كل الوسائل والأساليب وبذلنا كل الجهود للحفاظ على أسرى العدو عملًا بأدبياتنا وحفاظًا على أهدافنا النبيلة استمات العدو في محاولة قتلهم على مدار الساعة ونجح في قتل الكثير منهم كما بات معلومًا.
أمام هذه المعادلات المختلة تتضح عظمة هذه المعركة وكيف أنها ستصبح ملحمة تاريخية ملهمة للأجيال والأحرار، وستشكل مدرسة عسكرية جديدة ونموذجا مبتدعا في فنون القتال البطولي والجهاد المقدس من أجل الحرية وطرد المحتلين.
إن قصص البطولة والكرامات العظيمة لمجاهدينا لا زالت تتكشف كل يوم بفضل الله تعالى وعونه مما لا يتسع المجال لذكره، كما أن مظاهر عظمة هذه المعركة فتجلى كذلك في تقدم قادة طوفان الأقصى لقوافل الشهداء من رأس هرم القيادة السياسية القائد الشهيد إسماعيل هنية والشهيد الشيخ صالح العاروري وقائد الحركة في غزة الشهيد يحيى السنوار الذي باتت شهادته أيقونة عالمية ونموذجا فريدا في هذه المعركة.
كما تقدمت قافلة الشهداء ثلة من قيادة حماس وقيادة كتائب القسام في كافة المستويات وقادة من إخواننا في فصائل المقاومة الذين اختلطت دماؤهم مع دماء المجاهدين ودماء عموم أبناء شعبنا لترسم صورة للبطولة والعطاء عظيمة لشعب يحتضن المقاومة ومقاومة تفديه بالدماء والأرواح.
إنما سبق طوفان الأقصى من مسببات ومفجرات من عدوان خطير محدق بالمسجد الأقصى واتباعه للضفة المحتلة وتنكيلا بالأسرى وحصار لغزة ومخططات للحرب على شعبنا وتهجيره من قبل الحكومة الصهيونية الفاشية كل هذا وما يجري اليوم في الضفة من عدوان متواصل، وما يهدد به الاحتلال من تصعيد أيضا لهذا العدوان ومتى تعرض له دول جوار فلسطين من عدوان على أراضيها وانتهاك لسيادتها وما يصرح به العدو علنا وينشره من خرائط ومخططات لا ترى وجودا لشعوب وأمم ودول كبيرة وذات تاريخ متجذر في هذه الأرض.
كل هذا يضع الحقيقة عيانا وأمام العالم لأن هذا العدو المجرم هو أس البلاء في هذه المنطقة وأن كل الجهود والاستراتيجيات والخطط ينبغي أن تنصب على كيفية تحجيمه ومواجهة غطرسته وكف عدوانه وإنهاء احتلاله لأرضنا.