يقال عن الرجل الذي يشجع فريق رياضي بشدة بأنه متعصب، وفي حين كان هذا الفريق يمثل كيان إجرامي علينا أن نقول متطرف، وفي حين تعدى هذا المشجع المتطرف من التشجيع والهتاف لفريقه المفضل وقام بالتعدي على جمهور الفريق المنافس خلال المباراة أو التعدي على الممتلكات العامة والخاصة في الطرقات نصفه بالخارج عن القانون، وإذا ما تبين بأنه جاء لنشر الكراهية والفساد ومدفوع للتعدي وبمرافقته جهاز مخابرات وعناصر أمن على هيئة مشجعين حتما يجب وصفهم بالإرهاب، فما بالك لو كان يرى بأنه مختار من الله وأن له الحق بأن يفعل ما بدا له ويتعامل وكأن شعوب الأرض مجرد عبيد أو حيوانات على هيئة بشر ينال لا مانع من النيل منهم ومصادرة حقوقهم.

ربما يعتقد القارئ بأن مقدمة المقال تأخرت حتى وصلت لتوصيف جمهور “مكابي تل أبيب” بالإرهابي والعنصري والمتعالي بكل فظاظة وكره، ولكن للكاتب أسبابه، فقد شاهدنا الإعلام الأوروبي المتواطئ كيف سعى وهرول في محاولاته لإظهار صورة اليهودي الضحية الملاحق و”المضطهد”، فكان من الضرورة التفصيل حتى يتسنى للقارئ بأن يرد على أي إدعاء من هذا النوع أمام عدو عارف أو صديق جاهل أو ضال.

كما حاول البعض أخذ المشهد بإتجاه صراع عربي “إسرائيلي” هرباً من الإعتراف بواقع عالمي مرعب للكيان، صحيح كان للعرب جزء من المشهد في التصدي لزوبعة التطرف الصهيونية في الطرقات، و هم جزء مشرف ونفخر به، من أهلنا في المغرب وتونس والجزائر، ولكن الإعلام حاول إلصاق الجرم لهم حتى يتسنى للإعلام أن يحيك سردية يكون فيها “اليهودي” مستهدف وملاحق، بحجة أن هذه ليست المباراة الأولى بين الفريقين (أياكس الهولندي ومكابي تل أبيب) وليست أول مباراة بين فريق للكيان مع فريق أوروبي، لأن الكيان رياضياً يتبع الإتحاد الأوروبي وهو حاضر في كل المنافسات بصورة متواضعة رياضيا بل أقرب للفاشلة… إثبات وجود لا أكثر، كما أن الفرق الأوروبية كثيرا ما ذهبت لمنافسة فرق الكيان على أرض فلسطين المحتلة، إذاً ما سبب هذه الإنتفاضة على هذا “الجمهور” وسحله وضربه وإهانته وقد ورد على بعض المنصات بأن هنالك ما يقارب سبعة أشخاص مفقودين!! ما سبب ذلك؟

للإجابة على هذا السؤال علينا الرجوع ثلاثة أيام قبل اللقاء على الملعب، فقد جاء المشجعون وبصحبتهم عناصر للموساد حسب ما جاء بصحيفة جيروزاليم بوست “الإسرائيلية” وبمجرد وصولهم بدأوا يجولون في شوارع أمستردام وشاهدنا العديد من المقاطع التي أظهرتهم حين قاموا بإنزال أعلام فلسطين عن المباني والمحال التجارية وتمزيقها، كما جابوا في الطرقات وهم يهتفون بهكذا عبارات (فلينتصر جيش “إسرائيل” وليسحق العرب، لا مدارس في غزة لأنه لم يبق هنالك أطفال) فأججوا الشارع بمن فيه من عرب على مدار ثلاثة أيام في بيئة غربية وقف شعبها وطلاب جامعاتها ونواب برلمانها وقفة بطولية لوقف الإبادة في غزة و وصفوا الكيان بالإرهابي والمارق والمحتل وكانوا ملتزمين بمقاطعة كل ما يدعم الكيان من شركات ومنتجات وظهر ذلك بشكل واضح ومؤثر على مدار أكثر من عام، ويوم اللقاء وكأي حدث رياضي يأتي بعد أي حادث إنساني مؤسف فقد نادى القائمون على الحدث للوقوف دقيقة صمت من أجل ضحايا الفيضانات في فلنسيا-إسبانيا، فقام جمهور مكابي الإرهابي واللا إنساني بالصياح والتصفيق والتصفير بكل وقاحة إستمراراً بإستفزاز كل الحاضرين وكل الشارع الهولندي والأوروبي، فما كان من الهولنديين إلا سحقهم بهزيمة مدوية (خمسة مقابل صفر) وملاحقتهم لتلقينهم درساً في الشارع أيضا لن ينسوه أبدا، فكانت بمثابة هدية للسكان من الأصول العربية كي يشاركوا في سحلهم وإجبارهم على القول بأن (فلسطين حرة) فما كان منهم إلا القبول بالذل الذي وصلت حالهم إليه وقولها بأعلى صوت، هذا ما جنته أيديهم فقد ظنوا فعلا بأنهم أصحاب الحصانة وأن لهم الحق في فعل ما يشاؤون.

أما عن تداعيات هذا الحدث فقد سارع الكيان لإخراج تصريحاته المعتادة، سنرسل قوات من الجيش لحمايتهم ونرسل طائرات لإجلاء رعايانى ولن نقبل بإضطهاد اليهود ومعاداة السامية وهذا الكلام الذي مل منه العالم، ومن ثم بدأت تخرج توصيات لعدم الذهاب إلى إيطاليا لحضور لقاء مكابي ذاته مع أحد الفرق الإيطالية، كما طالب ليبرمان يهود أوروبا للهجرة “لإسرائيل”، حقيقة أرغب في الضحك.

أين وصل الحال بالكيان من بعد السابع من أكتوبر المجيد، خاسر مكسور منهزم مكروه وملعون أيضاً، و “الإسرائيليون” كذلك بل أصبحوا غير مرحب بهم حتى عند شعوب الدول التي تدعم الكيان حتى هذا اليوم، ولم يعد العالم يخشى من عبارة “معاداة السامية”.

صحيح… مقاطعة أي حدث رياضي يشارك به الكيان واجب… إنتهى.

صلاح الدين حلس