في تطور نوعي يعكس تحولًا إستراتيجيًا في قواعد الاشتباك، استهدفت ضربة صاروخية إيرانية فجر الأحد معهد “وايزمان” للعلوم في مدينة رحوفوت جنوب تل أبيب، أحد أبرز المراكز البحثية في كيان الاحتلال، والذي يُعدّ ركيزة من ركائز المشروع العلمي والعسكري الإسرائيلي، ويُعرف في الأوساط البحثية بـ”العقل النووي لإسرائيل”.

ويُعد معهد وايزمان من المراكز المصنفة عالميًا ضمن أفضل عشر مؤسسات بحثية، وله إسهامات بارزة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والفيزياء النووية، والتقنيات الحيوية الدقيقة، فضلًا عن ارتباطه المباشر بالأبحاث العسكرية وتطوير القدرات الدفاعية لدى الاحتلال.

يُشكّل المعهد مركز ارتكاز للبحث والتطوير في قطاعات مدنية وعسكرية، ويجري أبحاثًا في مجالات عدة تشمل المواد الكيميائية، والصناعات الدقيقة، والأدوات الطبية، والجينات، كما يحتل مكانة متقدمة في مجال أبحاث السرطان وطرائق معالجته.

 على الصعيد العسكري، يلعب معهد “وايزمان” دورًا محوريًا في دعم جيش الاحتلال، من خلال تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالجيش، وتحليل البيانات الاستخباراتية، وتصميم أنظمة أسلحة ذاتية وشبه ذاتية، وتحسين أجهزة التوجيه والتعقّب عالية الدقة.

ويُسهم المعهد أيضًا في تطوير تقنيات التشويش والحماية الإلكترونية، ودعم الأبحاث المتعلقة بالتقنيات النووية والطاقة الموجهة، إلى جانب تأمين الشيفرات العسكرية والعمل على اختراق أنظمة الخصوم.

ووصفت الصحيفة الهجوم بأنه “ضربة مباشرة للبنية التحتية البحثية في إسرائيل”، في وقت أكّد فيه التلفزيون الإيراني أن مؤسسة وايزمان “هي مؤسسة علمية يستفيد منها الجيش الإسرائيلي”، ما يضفي على العملية بعدًا استراتيجيًا في سياق الرد الإيراني.

هذا الهجوم لم يُقرأ على أنه ضربة تكتيكية فحسب، بل اعتُبر استهدافًا للبنية العقلية والعلمية لكيان الاحتلال، ومساسًا بمصدر تفوقه التكنولوجي والمعرفي. فالمعهد الذي تأسس قبل أكثر من ثمانية عقود، يشكّل دعامة رئيسية في تطوير أدوات التفوق العسكري والعلمي لدى الكيان، ويُسهم في مشاريع البحث المرتبطة بالمؤسسة الأمنية والعسكرية بشكل مباشر.

ومن الناحية الإستراتيجية، يوحي اختيار الهدف بوجود بنك معلومات دقيق لدى إيران، ما يعزز فرضية أن الضربة لم تكن عشوائية، بل خضعت لتخطيط دقيق ومركّز، يحمل رسالة واضحة مفادها أن مراكز القوة الصهيونية لم تعد بمنأى عن الاستهداف، بما في ذلك العقل الذي يصنع المعرفة والسلاح والهيمنة.

الهجوم يفتح أيضًا الباب أمام تساؤلات محورية حول طبيعة الرد الإسرائيلي، وما إذا كان الاحتلال سيلجأ إلى تصعيد إضافي في العمق الإيراني، أو يسعى إلى امتصاص الضربة تحاشيًا لمزيد من الانكشاف.

المصدر: المنار