جميعنا يعلم أن الأمة العربية الإسلامية جسدٌ واحدٌ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، مقتبس من حديث سيد الخلق.
وبما أن الجسد يتكون من شبكة عصبية ناقلة وأنسجة عضلية قابضة، فهذا يدفع كلًّا منا إلى رسم تخيلي للجسد العربي والإسلامي لنعرف أين يقع الحبل الشوكي ومن أين وإلى أين تمتد الخلايا العصبية وأين يقع عقل الأمة، أين تتوزع العضلات المستقبلة للإشارة العصبية وأين قلب هذا الجسد.
جاءت مقدمة هذه المقالة حتى يعمل القارئ على تخيل خارطة الحدث الراهن، وبالتالي يصل إلى تصور توسع الحدث جغرافياً ومدى تأثير كل فعل وكل ردة فعل، وبالتالي معرفة أهمية انكفاء الحدث أو اتساعه، ليس من الصواب أن تنقبض كل العضلات بنفس التوقيت وبنفس المستوى، مما قد يؤدي إلى التشنج والشلل المؤقت للجسد وربما يدفع إلى توقف عضلة القلب ما يؤدي إلى موت الجسد، كما أنه ليس من الصواب أن تتفاعل كل الخلايا العصبية بنفس الوقت وبنفس الدرجة ما قد يؤدي إلى الشلل الدائم أو تعطُّل الدماغ وبالتالي نصل إلى الموت السريري ما قد يؤدي إلى موت الجسد بنسبة أعلى.
اليوم وبعد تمام العام على طوفان الأقصى رأينا أنَّ هذا الجسد تفاعل بنسبٍ متباينة ومتفاوتة، وبرزت أدوارٌ لدولٍ ساندت غزة وشعبها، منها عسكرياً ومنها مادياً ومنها سياسياً ومنها إعلامياً ومنها قانونياً، كل دولة ساندت بطريقتها، وكل مساندة تُشكَر، ولكن تتباين أهمية دور كل دولة بحسب ما قدمت لنفسها قبل أن تقدم لغزة، الكل مستهدفٌ بشكل مباشر من الكيان المجرم، فهو بمثابة السكين التي لو نفَذَت للجسد في أي جزءٍ من أجزائه ستؤدي إلى موته إن لم يسارع بإزالتها وإجراء اللازم لإسعاف نفسه بمعالجة موضع الطعنة.
ولذلك نرى أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام يثني على دور كل عمليات الاسناد لكل الجسد العربي والإسلامي بل والإنساني، ويخص بالذكر دول محور المقاومة، كإيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن العزيز وصولاً لغزة وكل فلسطين، فهم الداعم المباشر بالقوة والموقف والذين قدموا وما زالوا يقدمون الغالي والنفيس لنصرة غزة وشعبها بل ويسعون لتحرير كل فلسطين.
حمى الله الأمة شعباً وجسداً وعقلاً وقلباً، من طنجة إلى صلالة، ومن صور إلى خُراسان، ومن أقصى الشرق العربي والإسلامي إلى أقصى الغرب العربي والإسلامي، ومن القلب إلى القلب.
وكما قال الشاعر محمود درويش:
كل قلوب الناس جنسيتي
فلتُسقِطوا عني جواز السفر
نحن أمة عريقة قديمة بقِدَم الأرض، موطن الحضارات ومهبط الرسالات والأنبياء ومطلع شمس العالم، مهما أُصيب الجسد فهو حتماً سيتشافى ويعود لينهضَ من جديد..
يرونه بعيداً ونراه قريباً بإذن الله.
صلاح الدين حلس